في الفرع انتفاء مذهبه، مثاله استدلال الحنفية على وقوع طلاق المكره بقولهم: المكره مالك للطلاق, مكلف فيقع طلاقه بالقياس على المختار، فيقول الشافعي: المكره مالك مكلف فنسوي بين إقراره بالطلاق وإيقاعه إياه، قياسا على المختار، ويلزم من هذا أن لا يقع طلاقه ضمنا؛ لأنه إذا ثبتت المساواة بين إقراره وإيقاعه، مع أن إقراره معتبر بالاتفاق، لزم أن يكون الإيقاع أيضا غير معتبر. الثالث: أن يكون لإثبات مذهب المعترض، كاستدلال الحنفية على اشتراط الصوم في صحة الاعتكاف، بقولهم: الاعتكاف لبث مخصوص فلا يكون بمجرده قربة كالوقوف بعرفة، فإنما صار قربة بانضمام عبادة أخرى إليه وهو الإحرام، فيقول الشافعي: لبث مخصوص فلا يشترط فيه الصوم كالوقوف بعرفة, وقوله: قيل: المتنافيان ... إلخ, أشار به إلى ما ذكره في المحصول1، وهو أن من الناس من أنكر إمكان القلب, محتجا عليه بأنه لما اشترط فيه اتحاد الأصل المقيس عليه مع الاختلاف في الحكم لزم منه اجتماع الحكمين المتنافيين في أصل واحد وهو محال. وجوابه أن التنافي بين الحكمين إنما حصل في الفرع فقط لأمر عارض، وهو إجماع الخصمين على أن الثابت فيه إنما هو أحد الحكمين فقط، وأما اجتماعها في الأصل فغير مستحيل؛ لأن ذات الحكمين غير متنافيين, ألا ترى أن الأصل في المثال الأول وهو غسل الوجه قد اجتمع فيه الحكمان وهما عدم الاكتفاء بما ينطلق عليه الاسم، وعدم تقديره بالربع، وهذان الحكمان يمتنع اجتماعهما في الفرع، وهو مسح الرأس؛ لأن الإمامين قد اتفقا على أن الثابت فيه هو أحدهما. وكذلك الأصل في المثال الثاني وهو النكاح فإن الحكمين مجتمعان فيه, وهما صحته بدون الرؤية وعدم ثبوت الخيار فيه، ولكن الثابت في الفرع وهو بيع الغائب إنما هو أحدهما، وكذلك الأصل في المثال الثالث وهو الوقوف بعرفة, فإن الحكمين مجتمعان فيه وهما أن الصوم لا يشترط, وأنه بمجرده ليس بقربة. قوله: "تنبيه ... إلخ" لما بين القلب وأقسامه، شرع في الفرق بينه وبين المعارضة، فقال: القلب في الحقيقة معارضة، فإن المعارضة تسليم دليل الخصم وإقامة دليل آخر على خلاف مقتضاه, وهذا بعينه صادق عن القلب، إلا أن الفرق بينهما أن العلة المذكورة في المعارضة والأصل المذكور فيها يكونان مغايرين للعلة والأصل اللذين ذكرهما المستدل بخلاف القلب, فإن علته وأصله علة المستدل وأصله, قال الإمام: وليس للمستدل الاعتراض على القلب لاستلزامه القدح في علة نفسه أو أصله، بخلاف المعارضة فإن للمستدل أن يعترض عليها بكل ما للمعترض أن يعترض به على دليل المستدل من المنع والمعارضة، وله أن يقلب قلبه، وحينئذ فيسلم أصل القياس. قال: "الخامس: القول بالموجب, وهو تسليم مقتضى قول المستدل مع بقاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015