الخلاف، مثاله في النفي أن تقول: التفاوت في الوسيلة لا يمنع القصاص، فيقول مسلم: ولكن لا يمنعه عن غيره، ثم لو بينا أن الموجب قائم ولا مانع غيره، لم يكن ما ذكرناه تمام الدليل. وفي الثبوت قولهم: الخيل يسابق عليها فتجب الزكاة بها كالإبل. فنقول: مسلم في زكاة التجارة". أقول: الطريق الخامس من مبطلات العلية: القول بالموجب أي: القول بموجب دليل المستدل، وهو عبارة عن تسليم مقتضى ما جعله المستدل دليلا لحكم مع بقاء الخلاف بينهما فيه, وذلك بأن يتخيل أن ما ذكره من النص أو القياس مستلزم لحكم المسألة المتنازع فيها، من أنه غير مستلزم له, فلا ينقطع النزاع بتسليمه. وهذا الحد أولى من قول المحصول: إنه تسليم ما جعل المستدل موجب العلة مع استيفاء الخلاف؛ لخروج القول بالموجب الذي يقع في غير القياس، وكأنه أراد تعريف ما يقع في القياس خاصة؛ لأن الكلام في مبطلات العلية، والقول بالموجب قسمان أحدهما: أن يقع في النفي، وذلك إذا كان مطلوب المستدل نفي الحكم، واللازم من دليله كون شيء معين غير موجب لذلك، فيتمسك به لتوهمه أنه ما أخذ الخصم، مثاله أن يقول الشافعي في القتل بالمثقل: التفاوت في الوسيلة لا يمنع وجوب القصاص، كالتفاوت في التوسل إليه، يعني: أن المحدد والمثقل وسيلتان إلى القتل والتفاوت الذي بينهما لا يمنع الوجوب، كما لا يمنعه التفاوت في المتوسل إليه، وهو التفاوت في المقتولين من الصغر والكبر والخساسة والشرف, فيقول الحنفي: كون التفاوت في الوسيلة لا يمنع وجوب القصاص مسلم، ونحن نقول بموجب, ولكن لم يجز أن يمنع من وجوبه أمر موجود في المثقل غير التفاوت، وأنه لا يلزم من إبطال هذا المانع إبطال جميع الموانع، ثم إن الشافعي المستدل لو ادعى بعد ذلك أنه يلزم من تسليم ذلك الحكم تسليم محل النزاع، وبينه بأن الموجب للقصاص وهو القتل العمد العدوان, قائم في صورة القتل بالمثقل, وأنه لا مانع فيه غير التفاوت في الوسيلة بالأصل، أو بغيره من الطرق لكان منقطعا أيضا، أي: حتى لا يسمع ذلك منه؛ لأنه ظهر أن المذكور أولا ليس هو دليلا تاما بل جزءا من الدليل. هكذا قاله الإمام وتبعه المصنف وفيه نظر ظاهر، ولم يتعرض ابن الحاجب لذلك. القسم الثاني: أن يقع الإثبات، وذلك إذا كان مطلوب المستدل إثبات الحكم في الفرع، واللازم من دليله ثبوته في صورة ما من الجنس كاستدلال الحنفية على وجوب الزكاة في الخيل، بقولهم: الخيل حيوان يسابق عليه, فتجب الزكاة فيه قياسا على الإبل، فنقول لهم: مقتضى دليلكم وجوب مطلق الزكاة، ونحن نقول بموجبه، فإنا نوجب فيه زكاة التجارة، ومحل النزاع إنما هو في زكاة معين، ولا يلزم من إثبات المطلق إثبات جميع أنواعه. قال: "السادس: الفرق، وهو جعل تعين الأصل علة، أو الفرع مانعا، والأول يؤثر حيث لم يجز التعليل بعلتين، والثاني عند من جعل النقض مع المانع قادحا". أقول: الطريق السادس وهو آخر الطرق المبطلات للعلية: الفرق، وهو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015