ليلا والجامع هو الإتيان بمسمى الصوم في الصورتين؛ لأن الصوم عبارة عن الإمساك مع النية؛ فيقول الشافعي: فهو منقوض بما إذا نوى بعد الزوال، فإن العلة وهي الإتيان بمسمى الصوم موجودة هناك مع عدم الصحة، فيقول الحنفي: لا نسلم أن العلة موجودة هناك، فيقول الشافعي له: ما ذكرته من الدليل على وجود العلة في صورة الخلاف، دل بعينه على وجودها في صورة النقض، ثم قال الآمدي وابن الحاجب وغيرهما: إن طريق المعترض والحالة هذه أن يقول ابتداء: يلزمك إما انتقاض دليلك أو انتقاض علتك؛ لأن العلة إن كانت موجودة في صورة النقض فقد انتقضت، وإن لم تكن موجودة فقد انتقض الدليل. قوله: "أو دعوى الحكم" هذا هو الطريق الثاني في دفع النقض، وهو أن يدعي المعلل ثبوت الحكم في تلك الصورة التي نقض بها المعترض ثبوته, وقد يكون تحقيقيا وقد يكون تقديريا، فالتحقيق مثل أن يقول الشافعي: السلم عقد معاوضة, فلا يشترط فيه التأجيل قياسا على البيع فينقضه الحنفي بالإجارة، فإنها عقد معاوضة مع أن التأجيل يشترط فيها، فيقول الشافعي: ليس الأجل شرطا لصحة عقد الإجارة أيضا, بل التأجيل الذي هو فيها إنما هو الاستقرار المعقود عليه وهو الانتفاع بالعين، إذ لا يتصور استقرار المنفعة المعدومة في الحال، ولا يلزم من كون الشيء شرطا في الاستقرار، أن يكون في الصحة ومثال التقدير أن يقول المستدل: رق الأم علة لرق الولد، فينقضه المعترض بولد المغرور بحرية الجارية، فإن رق الأم موجود مع انتفاء رق الولد، فيقول المعلل: رق الولد موجود تقديرا؛ لأنا لو لم نقدر رقه لم نوجب قيمته؛ لأن القيمة للرقيق لا للحر. الأول وهو التحقيق يدفع النقض إن كان ثبوت الحكم فيه مذهبا للمعلل سواء كان مذهبا للمعترض أم لا، كما قاله في المحصول1 وفي تمكن المعترض من الاستدلال على عدمه الأقول التي تقدمت في العلة كما قاله ابن الحاجب وغيره، وأما الثاني وهو التقديري فتوقف فيه الإمام ومختصرو كلامه وجزم المصنف بأنه يدفع ولم يتعرض له الآمدي ولا ابن الحاجب. قوله: "أو إظهار المانع" هذا هو الطريق الثالث في دفع النقض، ومثاله أن يقول الشافعي: القتل العمد العدوان علة في وجوب القصاص، وحينئذ فيجب في المثقل فينقضه الحنفي بقتل الوالد ولده, فيقول الشافعي: إنما لم أوجبه على الولد لوجود المانع، وهو كون الوالد سببا لوجود الولد، فلا يكون الولد سببا لعدمه. قال: "تنبيه: دعوى ثبوت الحكم أو نفيه عن صورة معينة، أو مبهمة ينتقض بالإثبات، أو النفي العامين بالعكس". أقول: لما تقدم الكلام في حد النقض ومحل قدحه وطريق دفعه، شرع في بيان ما يكون نقضا مما لا يكون؛ فنقول: دعوى الحكم قد تكون في بعض الصور, وقد تكون في كلها, فإن كانت في البعض ففيه أربعة أقسام؛ لأنه إن ادعى ثبوت الحكم فقد يكون في صورة معينة أو مبهمة, وإن ادعى نفيه فقد يكون في صورة معينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015