أو مبهمة، فدعوى ثبوت الحكم في صورة معينة أو مبهمة ينتقض بالنفي العام، أي: بنفي ذلك الحكم عن كل صورة؛ لأن الموجبة الجزئية تناقضها السالبة الكلية، لا بالنفي عن بعض الصور؛ لأنه لا مناقضة بين القضيتين الجزئيتين، ودعوى نفي الحكم عن صورة معينة أو مبهمة تنتقض بالإثبات العام أي: بإثباته في كل صورة لأن السالبة الجزئية تناقضها الموجبة الكلية, لا بإثباته في بعض الصور لما قلناه من عدم التناقض بين الجزئيتين. نعم دعوى الثبوت في صورة معينة تنتقض بالنفي عن تلك الصورة وكذلك بالعكس، ولم يصرح به المصنف. وإلى هذه الأقسام أشار بقوله: دعوى ثبوت الحكم إلى العامين, وتقرير كلامه دعوى ثبوت الحكم في صورة معينة أو مبهمة تنتقض بالنفي العام، ودعوى نفي الحكم عن صورة معينة أو مبهمة تنتقض بالإثبات العام وهو من باب اللفّ والنشر, على جعل الأول للثاني والثاني للأول، وإن كان الأحسن عكسه كما قاله الشلوبين1 ليكون على وفق الترتيب. قوله: "بالعكس" أشار به إلى القسم الآخر وهو أن يكون دعوى الحكم عاما، ويدخل فيه أيضا أربعة أقسام, وتقديره دعوى ثبوت الحكم العام تنتقض بنفيه عن صورة معينة أو مبهمة, ودعوى النفي العام تنتقض بإثباته في صورة معينة أو مبهمة؛ لأن الكلية تناقضها الجزئية، ولا ينتقض الإثبات العام بالنفي العام وعكسه؛ لأنه لا تناقض بين كليتين. قال: "الثاني: عدم التأثير بأن يبقى الحكم بعده, وعدم العكس بأن يثبت الحكم في صورة أخرى بعلة أخرى. فالأول كما لو قيل: "مبيع لم يره" فلا يصح كالطير في الهواء. والثاني: الصبح لا يقصر، لا يقدم أذانه كالمغرب, ومنع التقديم ثابت فيما قصر، والأول يقدح إن منعنا تعليل الواحد بالشخص بعلتين، والثاني: حيث يمتنع تعليل الواحد بالنوع بعلتين, وذلك جائز في المنصوصة كالإيلاء واللعان، والقتل والردة، لا في المستنبطة لأن ظن ثبوت الحكم لأحدهما يصرفه عن الآخر وعن المجموع". أقول: الثاني من الطرق الدالة على كون الوصف ليس بعلة عدم التأثير وعدم العكس, وإنما جمع المصنف بينهما لتفاوت معنييهما, فعدم التأثير هو أن يبقى الحكم بعد زوال الوصف الذي فرض أنه علة، وعدم العكس هو أن يثبت الحكم في صورة بعلة أخرى غير العلة الأولى وسماه الإمام العكس، والصواب عدم العكس كما قاله المصنف؛ لأن العكس هو انتفاء الحكم لانتفاء العلة، فمثال الأول قول الشافعي في الدليل على بطلان بيع الغائب: مبيع غير مرئي, فلا يصح كالطير في الهواء، والجامع بينهما هو عدم الرؤية فيه, فيقول المعترض: هذه الرؤية ليست مؤثرا في عدم الصحة لبقاء هذا الحكم في هذه الصورة بعينها بعد زوال هذا الوصف، فإنه ولو رآه لا يصح بيعه لعدم