فربما اعتقد شيئا ليس مطابقا, فقوله: لاحتمال كذا تعليل لكونه دون الثانية في الدرجة. ولأجل هذا الاحتمال توقف الإمام في المسألة وضعف صاحب الحاصل كونه حجة، ولما كان الظاهر من حال الراوي أنه لا يطلق هذا اللفظ إلا إذا تيقن المراد، ذهب الأكثرون إلى أنه حجة كما نقله الآمدي واختاره. قال الإمام: ولا بد أن يضم إليه قوله -عليه الصلاة والسلام: "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة". الرابعة: أن يبني الصيغة للمفعول: أُمرنا بكذا أو نُهينا عن كذا أو أوجب أو حرم, وهي حجة عند الشافعي والأكثرين واختاره الآمدي وأتباعه لأمرين, أحدهما: أن من طاوع أميرا إذا قال: أمرنا بكذا فهم منه أمر ذلك الأمير. الثاني: أن غرض الصحابي بيان الشرع فيحمل على من تصدر منه الشرع دون الخلفاء, ولولاه حينئذ فلا يجوز أن يكون صادرا من الله تعالى؛ لأن أمره ظاهر لكل أحد لا يتوقف على أخبار الصحابي, ولا صادرا عن الإجماع؛ لأن الصحابي من الأمة وهو لا يأمر نفسه فتعين كونه من الأخبار وهو المدعي، وإنما كانت هذه الدرجة دون ما قبلها لمساواتها لها في الاحتمالات السابقة مع زيادة ما قلناه. الخامسة: أن يقول من السنة فيجب حمله على سنة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويحتج به كما اختاره الإمام والآمدي وأتباعهما للدليلين السابقين وهما: المطاوعة وتبيين الشرع. وقد نص عليه الشافعي في الأم فقال: باب في عدد كفن الميت بعد ذكر ابن عباس والضحاك ما نصه، قال الشافعي: وابن عباس والضحاك بن قيس رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يقولان السنة إلا لسنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم، هذا لفظه بحروفه, وذكر بعده بقليل مثله, ورأيت في شرح مختصر المزني للداودي في كتاب الجنايات عكس ذلك فقال في باب أسنان إبل: الخطأ أن الشافعي في القديم كان يرى أن ذلك مرفوع إذا صدر من الصحابي أو التابعي, ثم رجع عنه؛ لأنهم قد يطلقونه، يريدون به سنة البلد والنقل. والأول أرجح لكونه منصوصا عليه في القديم والجديد معا, وهذه الدرجة دون ما قبلها لكثرة استعمالالسنة في الطريقة. الدرجة السادسة ولم يذكرها الآمدي ولا ابن الحاجب: أن يقول عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي حمله على التوسط مذهبان في المحصول والحاصل من غير ترجيح, أصحهما عند المصنف: حمله على السماع وصححه ابن الصلاح وغيره من المحدثين. وهذه المرتبة دون ما قبلهالكثرة استعمالها في التوسط. السابعة: أن يقول: كنا نفعل في عهده -عليه الصلاة والسلام- فهوحجة على الصحيح عند الإمام والآمدي وأتباعهما. ثم اختلفوا في المدرك فعلله الإمام وأتباعه بأن غرض الراوي بيان الشرع وذلك يتوقف على علم النبي صلى الله عليه وسلم به وعدم إنكاره، وعلله الآمدي ومن تبعه بأن ذلك ظاهر في قول كل الأمة, فألحقه الأولون بالسنة, والثاني بالإجماع، وينبني على المدركين ما أشار إليه الغزالي في المستصفى وهو الاحتجاج به إذا كان القائل تابعيا. وكلام المصنف يقتضي أن الاحتجاج به متوقف على تقييده بعهد الرسول