فيقول: كنا نفعل في عهده, وهو الذي جزم به ابن الصلاح1, لكنه خلاف طريقة الإمام والآمدي, ولهذا مثلوه بقول عائشة: كانوا لا يقطعون في الشيء التافه، وهذه الدرجة دون ما قبلها للاحتمالات السابقة. قال في المحصول: وإذا قال الصحابي قولا ليس للاجتهاد فيه مجال فهو محمول على السماع تحسبا للظن به وقد قدم الكلام على الصحابي. قال: "الثانية: لغير الصحابي أن يروي إذا سمع من الشيخ أو قرأ عليه ويقول له: هل سمعت؟ فقال: نعم, أو أشار أو سكت وظن إجابته عند المحدثين أو كتب الشيخ أو قال: سمعت ما في هذا الكتاب، أو يجيز له". أقول: هذه المسألة معقودة لرواية غير الصحابي، وقد جعلها في المحصول مشتملة على بيان مستندها وذكر مراتبها وكيفية ألفاظها. فأما المستند فقد ذكره المصنف وهو سبعة أمور, أما بيان المراتب فقد أشار إليه بالترتيب, فقدم في اللفظ ما صرح الإمام بتقديمه في المرتبة إلا الخامس, فإن الإمام جعله في المرتبة الثالثة, وأما كيفية اللفظ فلم يتعرض له وسنذكره إن شاء الله تعالى على ما ذكره في المحصول. المستند الأول من مستندات الرواية: أن يسمع الحديث من لفظ الشيخ, ثم إن قصد إسماعه وحده أو مع غيره فله أن يقول: حدثني وأخبرني, أو حدثنا وأخبرنا وإلا فلا يقولهما بل يقول: قال فلان كذا أو أخبر أو أحدث أو سمعته يقول أو يحدث أو يخبر. الثاني: أن يقرأ على الشيخ ويقول له بعد القراءة أو قبلها: هل سمعته؟ فيقول: نعم, أو الأمر كما قرئ عليّ ونحو ذلك, فحينئذ فيجوز للراوي أن يقول هنا أيضا: حدثني أو أخبرني أو سمعته كما قال في المحصول2. وإنما كان هذا النوع دون الأول لاحتمال الذهول والغفلة. الثالث: أن يقرأ على الشيخ ويقول له: هل سمعته؟ فيشير الشيخ إما برأسه أو بإصبعه إلى أنه قرأه, فيقوم ذلك مقام التصريح في الرواية ووجوب العمل إلا أنه لا يقول: حدثني ولا أخبرني ولا سمعت كذا, قال في المحصول: وفيه نزاع يأتي. الرابع: أن يقرأ عليه ويقول له: هل سمعته؟ فيسكت, وغلب على ظن القارئ أن سكوته إجابة, واتفقوا إلا بعض أهل الظاهر على وجوب العمل بهذا, وعلى جواز روايته بقوله: أخبرنا وحدثنا قراءة عليه. وأما إطلاق حدثنا وأخبرنا ونحو ذلك كسمعت فهي محل الخلاف الذي أشار إليه المصنف، تبعا للإمام كما حرره الآمدي في الأحكام فافهمه. فقال المحدثون والفقهاء: يجوز وصححه ابن الحاجب ونقل هو وغيره عن الحاكم أنه مذهب الأئمة الأربعة. وقال المتكلمون: لا يجوز, وصححه الآمدي تبعا للغزالي وإذا كان