العدد في التزكية. والثاني وهو رأي القاضي: أنه يشترط مطلقا بل يكتفي واحد لأنها خبر، والثالث: الفرق, فيشترط العدد في تزكية الشاهد دون الراوي ورجحه الإمام وأتباعه، وكذا الآمدي ونقله هو وابن الحاجب عن الأكثرين؛ لأن الشهادة لا تثبت بواحد فكذلك ما هو شرط فيها بخلاف الرواية، وإليه أشار بقوله: كالأصل، ويؤخذ من هذا التعليل قبول تزكية المرأة والعبد في الرواية دون الشهادة، وصح به الإمام وغيره، وهذه المذاهب تجري أيضا في الجرح كما أشار إليه الإمام وصرح به ابن الحاجب وغيره. المسألة الثانية: قال الشافعي -رضي الله عنه: يجب ذكر سبب الجرح دون سبب التعديل؛ لأن الجرح يحصل بخصلة واحدة فيسهل ذكرها بخلاف التعديل، ولأنه قد يظن ما ليس بجارح جارحا، وقال قوم بالعكس؛ لأن العدالة يكثر التصنع فيها فيتسارع الناس إلى الثناء على الظاهر بخلاف الجرح، وقال قوم: لا بد من بيان سببهما للمعنيين المتقدمين، وقال قوم: لا يجب فيهما؛ لأن المزكي إن كان بصيرا قبل جرحه وتعديله وإلا فلا، واختاره الآمدي ونقله هو والإمام وأتباعهما عن القاضي أبي بكر وتبعهما المصنف، ونقل إمام الحرمين عنه في البرهان أنه يجب ذكر سبب التعديل دون الجرح كالمذهب الثاني، وكذلك نقله الغزالي في المنخول، ولكنه خالفه في المستصفى ولعله اشتبه عليه فقلده فيه هؤلاء، وقال إمام الحرمين: الحق أنه إن كان المزكي عالما بأسباب الجرح والتعديل اكتفينا بإطلاقه وإلا فلا، وهذا المذهب اختاره الغزالي والإمام وأتباعه إلا المصنف ولم يرجح ابن الحاجب شيئا. المسألة الثالثة: إذا عدله قوم وجرحه قوم, فإنه يقدم الجرح لأن فيه زيادة لم يطلع عليها المعدل، وقيل: يتعارضان فلا يرجح أحدهما إلا بمرجح, حكاه ابن الحاجب، وقيل: يقدم التعديل إذا زاد المعدلون على الجارحين حكاه في المحصول. وعلى الأول إذا عين الجارح سببا فنفاه المعدل بطريق متغير كما إذا قال: قتل فلانا ظلما وقت كذا فقال المعدل: رأيته حيا بعد ذلك أو كان القاتل في ذلك الوقت عندي، فإنهما يتعارضان ويعرف ذلك من تعليل المصنف؛ فلهذا لم يستثنه. المسألة الرابعة: فيما يحصل به التزكية، وهو أربعة أمور, أحدها وهو أعلاها كما قال في المحصول: أن يحكم بشهادته، إلا أن يكون الحاكم ممن يرى قبول الفاسق الذي عرف منه أنه لا يكذب. الثاني: أنه يثني عليه بأن يقول: هو عدل أو مقبول الشهادة أو الرواية. الثالث: أن يروي عنه من لا يروي إلا عن العدل، وقيل: الرواية تعديل مطلقا, وقيل: ليست بتعديل مطلقا كما أن ترك العمل بروايته ليس بجرح, والأول هو المختار عند ابن الحاجب والآمدي وغيرهما. الرابع: أن يعمل بخبره فإن أمكن حمله على الاحتياط أو على العمل بمقابل آخر وافق الخبر, فليس بتعديل كما قاله في المحصول1 والشرط في الذي يزكي أن يكون عدلا وتركه