خيران1 الشافعيون: يدل على الوجوب واختاره الإمام في المعالم، وقال أبو بكر الصيرفي: لا يدل على شيء من الأحكام بالتعيين؛ لاحتمال هذه الأمور الثلاثة, واحتمال أن لا يكون من خصائصه فيتوقف إلى ظهور البيان, واختاره في المحصول هنا وتبعه عليه المصنف، وهذه المذاهب الأربعة حكاها الآمدي أيضا في الفعل الذي ظهر فيه قصد القربة. ثم قال: والمختار أنه إن ظهر فيه قصد القربة فهو دليل في حقه وحق أمته على القدر المشترك بين الواجب والمندوب, وهو ترجيح الفعل على الترك لا غير، وأما ما اختص به كل واحد منهما فمشكوك فيه، وإن يظهر فيه قصد القربة فهو دليل على القدر المشترك بين الواجب والمندوب والمباح، وهو رفع الحرج عن الفعل لا غير، والذي يمتاز به كل واحد منهما مشكوك فيه أيضا، هذا حاصل كلامه. وقال ابن الحاجب: المختار أنه إن ظهر قصد القربة فهو الندب، وإلا فللإباحة. واعلم أن إثبات قول بإباحته مع ظهور قصد القربة فيه إشكال ظاهر. قال: "احتج القائل بالإباحة بأن فعله لا يكره ولا يحرم, والأصل عدم الوجوب والندب فبقي الإباحة. ورد بأن الغالب على فعله الوجوب أو الندب, وبالندب بأن قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21] يدل على الرجحان, والأصل عدم الوجوب, وبالوجوب بقوله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ} [الأعراف: 158] ، {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} [آل عمران: 31] ، {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [الحشر: 7] . وإجماع الصحابة على وجوب الفعل بالتقاء الختانين لقول عائشة: "فعلته أنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاغتسلنا"2 وأجيب بأن المتابعة هي الإتيان بمثل ما فعلوه على وجهه, {وَمَا آتَاكُمُ} معناه: أمركم بدليل {وَمَا نَهَاكُمْ} , واستدلال الصحابة بقوله -صلى الله عليه وسلم: "خذوا عني مناسككم" ". أقول: استدل القائلون بأن فعله المجرد يدل على الإباحة، بأن فعله لا يكون حراما ولا مكروها لأن الأصل عدمه, ولأن الظاهر خلافه، فإن وقوع ذلك من آحاد عدول المسلمين نادر فكيف من أشراف المسلمين؟ وحينئذ فإما أن يكون واجبا أو مندوبا أو مباحا والأصل عدم الوجوب والندب؛ لأن رفع الحرج عن الفعل والترك ثابت وزيادة الوجوب والندب لا تثبت إلا بدليل ولم يتحقق فتبقى الإباحة. وأجيب بأن الغالب على فعله الوجوب أو الندب, فيكون الحمل على الإباحة حملا على المرجوح وهو ممتنع, ولك أن تقول: يلزم من عدم الحمل على الإباحة لمرجوحيتها عدم إدخالها في التوقف بالضرورة، والمصنف قد خالف بينهما. لا جرم أن الإمام لم يحجب بهذا, وإنما أجاب به في الحاصل فتبعه