إن التخيير في ثلاث خصال بعد التخيير في خصلتين يكون نسخا أيضا، وهو وارد على المصنف والإمام, ونقل ابن الحاجب عنه أن زيادة الأسواط على حد القذف يكون نسخا وهو سهو وقال أبو الحسين البصري: إن كان الزائد رافعا لحكم ثابت بدليل شرعي كان نسخا، سواء كان ثبوته بالمنطوق أو بالمفهوم وجعلناه حجة كما صرح به الآمدي والإمام في أثناء المسألة، وإن كان رافعا لما ثبت بدليل عقلي أي: البراءة الأصلية فلا. قال في المحصول: وهذا التفصيل أحسن من غيره، وقال الآمدي وابن الحاجب: إنه المختار وما قاله في المفهوم مبني على أن تقرير النفي الأصلي حكم شرعي، وفيه بحث. ثم مثل المصنف لهذا المذهب بمثالين الأول منه، والثاني للقسم الثاني، فقال: إن زيادة ركعة على ركعتين يكون نسخا؛ لأنها رفعت حكما شرعيا وهو وجوب التشهد عقب الركعتين، وزيادة التغريب على الجلد ليس بنسخ لأن عدم التغريب كان ثابتا بمقتضى البراءة الأصلية، ونقل في الأحكام عن صاحب هذا التفصيل وهو أبو الحسين البصري أن المثالين جميعا ليسا بنسخ. أما الثاني فواضح، وأما الأول فلأن التشهد إنما محله آخر الصلاة لا بعد الركعتين بخصوصهما، وكلام المصنف يوهم أن التمثيل من تتمة كلام أبي الحسين وليس كذلك فاجتنبه، وخالف ابن الحاجب فجعلهما معا من باب النسخ, قال: لأن الزيادة فيها كانت حراما ثم زالت، والمذكور في المحصول والأحكام هو ما ذكره المصنف تفصيلا وتعليلا، وأجابا عن التحريم بأنه مستند إلى البراءة الأصلية، ولو خيرنا الله تعالى بين المسح والغسل بعد إيجاب الغسل، أو في خصال ثلاث بعد التخيير في خصلتين. فقال الإمام: لا يكون نسخا، واختلف كلام الآمدي فقال في الأحكام: إن هذا هو الحق، وقال في منتهى السول: الحق أن الأول نسخ دون الثاني, وصرح ابن الحاجب أيضا بأن الأول نسخ ولم يصرح بحكم الثاني.