نفي الملزوم، وأما الأول فلم يستدل عليه، وقد استدل عليه الإمام بأن الفحوى تابع الأصل, ورفع المتبوع مستلزم لرفع التابع، وأجاب الآمدي وابن الحاجب بأن دلالة الفحوى تابعة لدلالة المنطوق على حكمه وليست تابعة لحكمه، ودلالة المنطوق باقية بعد النسخ أيضا فما هو أصل ليس بمرتفع, وما هو مرتفع ليس بأصل. قوله: "الفحوى يكون ناسخا" أي: بالاتفاق كما قاله في المحصول قال: لأن دلالته إن كانت لفظية فلا كلام, وإن كانت عقلية فهي يقينية فتقتضي النسخ لا محالة, وفيما قاله نظر لأن الناسخ يجب أن يكون طريقا شرعيا لا عقليا كما تقدم. واعلم أن الراجح عند المصنف أن دلالة الفحوى من باب القياس كما ستعرفه، وقد تقدم قريبا من كلامه أن القياس إنما يكون ناسخا لقياس آخر أخفى منه، فيكون الفحوى كذلك فافهمه. قال: "الخامسة: زيادة صلاة ليست بنسخ قيل: تغير الوسط، قلنا: وكذا زيادة العبادة، أما زيادة ركعة ونحوها فكذلك عند الشافعي ونسخ عند الحنفية. وفرق قوم بين ما نفاه المفهوم وبين ما لم ينفه، والقاضي عبد الجبار بين ما ينفي اعتداد الأصل وما لم ينفه، وقال المصري: إن نفى ما ثبت كان نسخا وإلا فلا, فزيادة ركعة على ركعتين نسخ لاستعقابهما التشهد, وزيادة التغريب على الجلد ليس بنسخ". أقول: زيادة صلاة أي: على الصلوات الخمس ليست بنسخ لشيء وقال بعض أهل العراق: زيادتها تغير الوسط أي: تجعل ما كان وسطا غير وسط فيكون نسخا للأمر بالمحافظة على الوسطى في قوله تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى} [البقرة: 238] وأجيب عنه بأن كون الشيء وسطا أو آخر أمر حقيقي لا حكم شرعي فلا يكون رفعه نسخا وإلا لزم أن تكون زيادة العبادة المستقلة نسخا أيضا لأنها تجعل العبادة الأخيرة غير أخيرة, وليس كذلك بالاتفاق كما قاله في المحصول1 وفي الجواب نظر؛ لأنه إنما يلزم ذلك أن لو أمرنا بالمحافظة على الأخيرة فإن قيل: فما الفائدة في كونه يسمى نسخا أم لا؟ قلنا: فائدته إثبات الزيادة بخبر الواحد إذا كان الأصل متواترا أما زيادة شيء لا يستقل كركعة أو سجود أو شرط أو صفة فاختلفوا فيه, فقالت الشافعية: ليس بنسخ واختاره في المعالم وقالت الحنفية: يكون نسخا وقال قوم: ينظر في الزائد, فإن نفاه مفهوم الأول كان نسخا كما لو قال: في الغنم المعلوفة الزكاة بعد أن قال: في الغنم السائمة الزكاة, وإن لم يكن ينفيه فلا يكون نسخا كزيادة التغريب على الجلد وعشرين سوطا على حد القذف, ووصف الرقبة موجب لاستثنائه لو فعل وحده كما كان يفعل أو لا فإنه يكون نسخا كزيادة ركعة أو ركوع أو سجود وإن لم يكن كذلك بل فعله معتد به دون الزائد وإنما يلزم ضمه إليه فلا يكون نسخا كزيادة التغريب على الجلد والعشرين على الحد. كذا نقله الإمام الآمدي عن عبد الجبار حكما وتمثيلا إلا أن الآمدي زاد على هذا أنه يقول: