والمرهبة، كان أحق المواضع التي يكون فيها عيباً الغزل لمنافرته تلك الأحوال وتباعده منها، فمن الكلام المستثقل في الغزل قول عبد الرحمن ابن عبد الله القس:
إن تنأَ داركِ لا أملُّ تذكُّراً ... وعليكِ منِّي رحمةٌ وسلامُ
ومن المستخشن قول هذا الشاعر أيضاً:
سلامَ ليتَ لساناً تنطقينَ به ... قبلَ الذي نالني من صوتِهِ قطعَا
فما رأيت أغلظ ممن يدعو على معشوقته، حيث أجادت في غنائها له، بقطع لسانها.
العيوب العامة للمعاني:
وأما العيوب العامة للمعاني، من الأغراض التي ذكرناها وغيرها، وعموم ذلك إياها، كعموم النعوت التي قدمنا وعددنا في أبوابها، فمنها فساد القسم:
فساد القسم:
وذلك يكون إما بأن يكررها الشاعر، أو يأتي بقسمين: أحدهما داخل تحت الآخر في الوقت الحاضر، أو يجوز أن يدخل أحدهما تحت الآخر في المستأنف، أو أن يدع بعضها فلا يأتي به.
التكرير:
فأما التكرير، فمثل قول هذيل الأشجعي:
فما برحت تومي إليه بطرفها ... وتومض أحياناً إذا خصمها غفل
لأن تومض وتومي بطرفها متساويان في المعنى.
دخول أحد القسمين في الآخر:
وأما دخول أحد القسمين في الآخر، فمثل قول أحدهم:
أبادرُ إهلاك مستهلكٍ ... لماليَ أو عبثَ العابِث
فعبث العابث داخل في إهلاك مستهلك.
ومثل قول أمية بن أبي الصلت الثقفي:
لله نعمتُنا تبارَك ربُّنا ... ربُّ الأنامِ وربُّ من يتأبدُ
فليس يجوز أن يكون أمية أراد بقوله: من يتأبد الوحش، وذلك أن من لا تقع على الحيوان غير الناطق، وإذا كان الأمر على هذا، فمن يتوحش داخل في الأنام، أو يكون أراد بقوله: يتأبد يتقرب من الأبد، وذلك داخل في الأنام أيضاً.
وأما أن يكون القسمان مما يجوز دخول أحدهما في الآخر، فمثل قول أبي عدي القرشي: