نقد الشعر (صفحة 76)

والمرهبة، كان أحق المواضع التي يكون فيها عيباً الغزل لمنافرته تلك الأحوال وتباعده منها، فمن الكلام المستثقل في الغزل قول عبد الرحمن ابن عبد الله القس:

إن تنأَ داركِ لا أملُّ تذكُّراً ... وعليكِ منِّي رحمةٌ وسلامُ

ومن المستخشن قول هذا الشاعر أيضاً:

سلامَ ليتَ لساناً تنطقينَ به ... قبلَ الذي نالني من صوتِهِ قطعَا

فما رأيت أغلظ ممن يدعو على معشوقته، حيث أجادت في غنائها له، بقطع لسانها.

العيوب العامة للمعاني:

وأما العيوب العامة للمعاني، من الأغراض التي ذكرناها وغيرها، وعموم ذلك إياها، كعموم النعوت التي قدمنا وعددنا في أبوابها، فمنها فساد القسم:

فساد القسم:

وذلك يكون إما بأن يكررها الشاعر، أو يأتي بقسمين: أحدهما داخل تحت الآخر في الوقت الحاضر، أو يجوز أن يدخل أحدهما تحت الآخر في المستأنف، أو أن يدع بعضها فلا يأتي به.

التكرير:

فأما التكرير، فمثل قول هذيل الأشجعي:

فما برحت تومي إليه بطرفها ... وتومض أحياناً إذا خصمها غفل

لأن تومض وتومي بطرفها متساويان في المعنى.

دخول أحد القسمين في الآخر:

وأما دخول أحد القسمين في الآخر، فمثل قول أحدهم:

أبادرُ إهلاك مستهلكٍ ... لماليَ أو عبثَ العابِث

فعبث العابث داخل في إهلاك مستهلك.

ومثل قول أمية بن أبي الصلت الثقفي:

لله نعمتُنا تبارَك ربُّنا ... ربُّ الأنامِ وربُّ من يتأبدُ

فليس يجوز أن يكون أمية أراد بقوله: من يتأبد الوحش، وذلك أن من لا تقع على الحيوان غير الناطق، وإذا كان الأمر على هذا، فمن يتوحش داخل في الأنام، أو يكون أراد بقوله: يتأبد يتقرب من الأبد، وذلك داخل في الأنام أيضاً.

وأما أن يكون القسمان مما يجوز دخول أحدهما في الآخر، فمثل قول أبي عدي القرشي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015