غير ما أنْ أكونَ نلتُ نوَالاً ... من نداهَا عفْواً ولا مهنِيَّاً
فالعفو قد يجوز أن يكون مهنياً، والمهني قد يجوز أن يكون عفواً.
وقد ضحك من أنوك سأل مرة فقال: علقمة بن عبدة جاهلي أو من بني تميم؟ فلأن الجاهلي قد يكون من بني تميم ومن بني عامر، والتميمي قد يكون جاهلياً وإسلامياً. ومن ذلك قول عبد الله بن سلمة الغامدي:
فهبطتُ غيْثاً ما تفزعُ وحشهُ ... من بين سربٍ ناوي وكنوسِ
ناو: سمين، يقال: نوى سمن، والسمين يجوز أن يكون كانساً أو راتعاً، والكانس يجوز أن يكون سميناً أو هزيلاً.
وأما القسم التي يترك بعضها مما لا يحتمل الواجب تركه، فمثل قول جرير في بني حنيفة:
صارتْ حنيفةُ أثلاثاً فثلثهمُ ... من العبيدِ وثلثٌ من مواليهَا
وبلغني أن هذا الشعر أنشد في مجلس، ورجل من بني حنيفة حاضر فيه، فقيل له: من أيهم أنت؟ فقال: من الثلث الملغى ذكره. ومن عيوب المعاني:
ومن كان حافظاً لما ذكرناه من صحة المقابلات في باب النعوت ظهر له الحال في فسادها كثيراً.
فساد المقابلات
وهو أن يضع الشاعر معنى يريد أن يقابله بآخر، إما على جهة الموافقة أو المخالفة، فيكون أحد المعنيين لا يخالف الآخر ولا يوافقه، مثال ذلك قول أبي عدي القرشي:
يا ابنَ خيرِ الأخيارِ من عبدِ شمسٍ ... أنت زينُ الدنيا وغيثُ الجنودِ
فليس قوله: وغيث الجنود، موافقاً لقوله: زين الدنيا، ولا مضاداً، وذلك عيب. ومنه قول هذا الرجل أيضاً في مثل ذلك:
رحماءٌ بذي الصلاح وضرَّاً ... بونَ قدْماً لهامةِ الصنديدِ
فليس للصنديد فيما تقدم ضد ولا مثل، ولعله لو كان مكان قوله: الصنديد الشرير،