عيوب المراثي:
وأما المراثي: ففي ما قدمته في باب نعوتها ما أبان عن الوجه في باب عيوبها، إذا كان النظر صحيحاً والفكر سليماً.
وأما عيب التشبيه: فتلك سبيله أيضاً لمن كان حافظا لما تقدم من أقوالنا في باب نعوته.
وأما عيب الوصف: فبالمضادة في باب نعوته.
وأما الغزل: فالقول فيه كالقول فيما مر من هذه الأبواب، إذا كان عيبه إنما هو مضادة ما قدمنا ذكره في باب نعته.
ومن الغزل الجاري على تلك المضادة، وفيه - مع أنه مثال في هذا الموضع للعيب - توكيد لما قدمناه في باب النعوت، قول إسحاق الأعرج مولى عبد العزيز بن مروان:
فلمَّا بدَا لي ما رابنِي ... نزعتُ نزوعَ الأبيِّ الكريمْ
وبلغني أن أبا السائب المخزومي لما أنشد هذا البيت، قال، قبحه الله، لا والله ما أحبها ساعة قط.
ومثلها لنابغة بني تغلب، واسمه الحارث بن عدوان أحد بني زيد ابن عمرو بن غنم بن تغلب:
هجرتَ أمامةَ هجْراً طويلاً ... وما كان هجركَ إلا جمِيلا
على غَيْرِ بغضٍ ولا عنْ قِلى ... وإلاَّ حياءً وإلا ذهُولاً
بخلنَا لبخلكِ قدْ تعلمِين ... فكيف يلومُ البخيلُ البخِيلا
ولما كان المذهب في الغزل إنما هو الرقة واللطافة والشكل والدماثة، كان ما يحتاج فيه أن تكون الألفاظ لطيفة مستعذبة مقبولة، غير مستكرهة، فإذا كانت جاسية مستوخمة كان ذلك عيباً، إلا أنه لما يكن عيباً على الإطلاق، وأمكن أن يكون حسناً، إذ كان قد يحتاج إلى الخشونة في مواضع مثل ذكر البسالة والنجدة واليأس