جهة المضادة أو السلب والإيجاب أو غيرها من أقسام التقابل، مثل قول أبي الشغب العبسي:
حلوُ الشمائِل، وهوَ مرٌّ باسلٌ ... يحمِي الذمارَ صبيحةَ الإرهاقِ
فقوله: حلو ومر: تكافؤ.
ومثل قول أم الضحاك المحاربية:
كيفَ يسامِي خالداً أو ينالهُ ... خميصٌ من التقوى بطينٌ من الخمرِ
فقولها: خميص وبطين: تكافؤ، ومثل قول طرفة:
بطيءٍ عن الجلَّى سريعٍ إلى الخنَا ... ذليلٍ بأجماعِ الرجالِ ملهدِ
فقوله: سريع وبطيء: تكافؤ، ومثل قول زهير:
حلماءُ في النادِي إذا ما جئتهمْ ... جهلاءُ يومَ عجاجةٍ ولقاءِ
فقوله: حلماء وجهلاء: تكافؤ، ومثل قول حميد بن ثور الهلالي:
فلمْ أرَ محزوناً له مثلُ صوتهَا ... ولا عربياً شاقهُ صوتُ أعجمَا
فقوله: عربي وأعجم: تكافؤ، ومثل قول الآخر:
بطاءٌ عن الفحشاءِ لا يحضرونَهَا ... سراعٌ إلى داعِي الصباحِ المثوبِ
ومثل قول العباس بن مرداس:
مطهَّماً خلقهُ شثْناً سنابكهُ ... صعْلاً على أن في الجنبينِ إجفارَا
فجعل: صعلاً مكافئاً لمجفر، ومثل قول الفرزدق:
فتَى السنِّ كهلُ الحلْم قد عرفتْ لهُ ... قبائلُ ما بينَ الدنا وإيادِ
فقوله: فتى: مكافأة لقوله: كهل، وقال الفرزدق أيضاً:
لعمرِي لئنْ قلَّ الحصَى في رجالكُم ... بني نهشلٍ ما لؤمكمْ بقليلِ
فهذا ضرب من المكافأة من جهة السلب، ومنه قول خولة بنت عيينة بن مرداس، هو ابن فسوة الشاعر:
يحكُّ بحامِي أيرهِ باردَ استهَا ... كما استولجتْ ظمياءُ أيرَ ابن غالبِ
فكافأت بقولها حامي كذا وبارد كذا.
ومن هذه الجهة استجاد الناس قول دعبل، حين روي عنه أنه قال: أن ابن قولي:
لا تعجبِي يا سلمَ منْ رجلٍ ... ضحكَ المشيبُ برأسهِ فبكَى
لأن ضحك وبكى: مكافأة.
وقد أتى المحدثون من التكافؤ بأشياء كثيرة، وذلك أنه بطباع أهل التحصيل والروية في الشعر، والتطلب لتجنيسه، أولى منه بطباع القائلين