نقد الشعر (صفحة 52)

جهة المضادة أو السلب والإيجاب أو غيرها من أقسام التقابل، مثل قول أبي الشغب العبسي:

حلوُ الشمائِل، وهوَ مرٌّ باسلٌ ... يحمِي الذمارَ صبيحةَ الإرهاقِ

فقوله: حلو ومر: تكافؤ.

ومثل قول أم الضحاك المحاربية:

كيفَ يسامِي خالداً أو ينالهُ ... خميصٌ من التقوى بطينٌ من الخمرِ

فقولها: خميص وبطين: تكافؤ، ومثل قول طرفة:

بطيءٍ عن الجلَّى سريعٍ إلى الخنَا ... ذليلٍ بأجماعِ الرجالِ ملهدِ

فقوله: سريع وبطيء: تكافؤ، ومثل قول زهير:

حلماءُ في النادِي إذا ما جئتهمْ ... جهلاءُ يومَ عجاجةٍ ولقاءِ

فقوله: حلماء وجهلاء: تكافؤ، ومثل قول حميد بن ثور الهلالي:

فلمْ أرَ محزوناً له مثلُ صوتهَا ... ولا عربياً شاقهُ صوتُ أعجمَا

فقوله: عربي وأعجم: تكافؤ، ومثل قول الآخر:

بطاءٌ عن الفحشاءِ لا يحضرونَهَا ... سراعٌ إلى داعِي الصباحِ المثوبِ

ومثل قول العباس بن مرداس:

مطهَّماً خلقهُ شثْناً سنابكهُ ... صعْلاً على أن في الجنبينِ إجفارَا

فجعل: صعلاً مكافئاً لمجفر، ومثل قول الفرزدق:

فتَى السنِّ كهلُ الحلْم قد عرفتْ لهُ ... قبائلُ ما بينَ الدنا وإيادِ

فقوله: فتى: مكافأة لقوله: كهل، وقال الفرزدق أيضاً:

لعمرِي لئنْ قلَّ الحصَى في رجالكُم ... بني نهشلٍ ما لؤمكمْ بقليلِ

فهذا ضرب من المكافأة من جهة السلب، ومنه قول خولة بنت عيينة بن مرداس، هو ابن فسوة الشاعر:

يحكُّ بحامِي أيرهِ باردَ استهَا ... كما استولجتْ ظمياءُ أيرَ ابن غالبِ

فكافأت بقولها حامي كذا وبارد كذا.

ومن هذه الجهة استجاد الناس قول دعبل، حين روي عنه أنه قال: أن ابن قولي:

لا تعجبِي يا سلمَ منْ رجلٍ ... ضحكَ المشيبُ برأسهِ فبكَى

لأن ضحك وبكى: مكافأة.

وقد أتى المحدثون من التكافؤ بأشياء كثيرة، وذلك أنه بطباع أهل التحصيل والروية في الشعر، والتطلب لتجنيسه، أولى منه بطباع القائلين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015