نقد الشعر (صفحة 51)

فإكرامهم للجار، ما دام فيهم، من الأخلاق الجميلة الموصوفة، وإتباعهم إياه الكرامة، حيث كان، من المبالغة في الجميل.

ومثل ذلك قول الحكم الخضري:

وأقبحَ من قردٍ وأبخلَ بالقِرَى ... من الكلبِ وهو غرثانُ أعجفُ

فقد كان يجزئ في الذم أن يكون هذا المهجو أبخل من الكلب، ومن المبالغة في هجائه قوله: وهو غرثان أعجف.

ومن هذا الجنس لدريد بن الصمة:

متَى ما تدعُ قومكَ أدعُ قومِي ... فيأتي من بني جشمٍ فئامُ

فوارسُ بهمةٌ حشدٌ إذا ما ... بدا حضرُ الحييةِ والخذامُ

والمبالغة الشدية في هذا الشعر هي في قوله: الحيية.

ومنه للحكم الخضري أيضاً:

فكنْ يا جارهمْ في خيرِ دارٍ ... فلا ظلمٌ عليكَ ولا جفاءُ

فقوله: فلا ظلم عليك ولا جفاء: توكيد ومبالغة.

ومنه قول رؤاس بن تميم، أحد الغطاريف الأزدي:

وإنَّا لنعطِي النصفَّ منَّا وإننَا ... لنأخذهُ من كلِّ أبلخَ ظالمِ

فالتوكيد في قوله: وإننا لنأخذه من كل أبلخ ظالم، فهذه مبالغة مضاعفة مكررة.

ومنه قول مضرس:

بهمْ تمترَي الحربُ العوانُ وفيهمُ ... تؤدَّي القروضُ حلوهَا ومريرهَا

فقوله: ومريرها: مبالغة.

وكذلك قوله أوس بن غلفاء الهجيمي:

وهمْ تركوكَ أسلحَ من حبارَى ... رأتْ صقْراً، وأشردَ من نعامِ

ففي قوله: رأت صقراً: مبالغة.

ومن نعوت المعاني

التكافؤ.

التكافؤ

وهو أن يصف الشاعر شيئاً أو يذمه، أو يتكلم فيه بمعنى ما، أي معنى كان، فيأتي بمعنين متكافئين، والذي أريد بقولي: متكافئين، في هذا الموضع: متقاومان، إما من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015