ألم يَدْرُوا بما الأستاذُ أوْلَى ... من الآلاءِ إذ شكَر الإلهَا

فهل بحرٌ يُرامُ له حدودٌ ... أم الجوزاءُ يُدْرَك مُرْتقاهَا

وهل بالفَرْقَدَيْن يُرَى اقْتِرانٌ ... لغير عُلاه إذ هو قد تَباهَى

له الشُّعَرَاءُ رَقَّتْ واسْتُرِقَّتْ ... وقد نشَرتْ بِمدْحتِه لِواهَا

مَدَحْتُك مُغْضِياً والعُذْرُ أنِّي ... أراك تُقِيلُ عَثْرَة مُصْطفاهَا

وتُغْضِي الْجَفنَ عن عَيْبٍ تَراهُ ... وتُسْبِلُ ذَيْلَ سِتْرِك عن خَطاهَا

ومَن لي أن أكونَ لذاك أهْلاً ... وأجْلُو عن ضِيَا عَيْنِي قَذاهَا

وأن أضَعَ النِّعالَ كعَبْدِ رِقٍ ... وأجْعَلَ كُحْلَ أجْفانِي ثَراهَا

ولستُ بشاعرٍ لكن أُرَجِّي ... من الشعراءِ فيْضاً مِن نَداهَا

وإنك سيدُ الشعراءِ حَقّاً ... لك البُلَغاءُ قد ألْقَتْ عَصاهَا

وإني إن جعلتُ البحرَ نِقْساً ... لِتَعْدادِ المَدائحِ ما كفاهَا

كذاك إذا نظَمْتُ الدِّرْعَ عِقْداً ... وإن بالَغْتُ لا أُحْصِي ثَناهَا

كمُلتَ مَفاخراً وعلَوتَ ذَاتاً ... جُعِلتُ لذاتِك العُلْيَا فِداهَا

فلا زالتْ لك الأمجادُ تَسْعَى ... على الأيامِ باسِطةً جِباهَا

السيد عبد الرحمن الجيزي الطباطبي هو من نخبة سراة الأشراف، محله من قريش الروابي المشرفة أتم الإشراف.

ورث الشرف جامعاً عن جامع، وازدهت برونق سيادته مواطن ومجامع.

وقد جمعتني وإياه الأقدار، في أوقاتٍ أمنت فيها بفضل صحبته وصمة الأكدار.

فعرفت وفور فضله، وشهدت كرم ذاته المنبي عن كرم أصله.

وكتب يستجيز ذلك بهذه الرسالة، فأجبته سائلاً أن يحفظ الله به حشاشة النفاسة والبسالة.

وهذه رسالته: حمداً لمن افترض على كل مسلم محبة أهل البيت، ورفع ذكرهم " في بيوتٍ أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه " بيتاً بعد بيت.

ومنح أمينهم حقيقة السعادة وسهل طريقه إليها ومجازه، وخلع عليه من حلل السيادة خلع إنعامه وجعل مزيد النعم على شكره إجازة.

وصلاةً وسلاماً على من آتاه الله جوامع الكلم وزاده مثوبةً وقربا، وعلى عترته الذين لا يكمل إيمان المرء إلا بحبهم وشاهده: " قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى ".

وعلى آله وأصحابه الألى هذبوا السنة الشريفة فكم خبرٍ منها جا، وكشفوا النقاب عن وجه فضل ذريته واتخذوا ودهم تأليفا ومنهاجا.

فلله در تلك البنوة، الذين كفلتهم في حجرها النبوة.

فهم للخير نجوم الهدى، ولا يتولى ولادتهم إلا شمس المعارف والاهتدا.

وحسبهم فخراً أن لا صلاة كاملة إلا بالصلاة عليهم، وهاك ما رواه البيهقي عن الإمام الشافعي وهو نص مذهبه فيهم:

يا آلَ بيْتِ رسولِ اللهِ حبُّكمُ ... فَرضٌ من اللهِ في القرآنِ أنْزَلَهُ

كفاكُمُ من عظيمِ القَدْرِ أنَّكمُ ... مَن لم يُصَلِّ عليكمْ لا صلاةَ لَهُ

جعلهم الله بركةً وذخراً، وملاذاً دنيا وأخرى.

وأقامهم مقام جدهم في رفع العذاب، فوجودهم أمانٌ في الأرض من الخسف والمسخ والإرعاب والإرهاب.

وكم من حديثٍ في هذا المعنى ورد عن صادق الوعد الأمين المأمون، وناهيك حديث: " النجوم أمانٌ لأهل السماء، وأهل بيتي أمانٌ لأهل الأرض، فإذا هلك أهل بيتي جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون ".

وحديث: " مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوحٍ في قومه، من ركبها نجا، ومن تخلف عنها غرق ".

فمن أخذ بهديهم ومحاسن شيمهم نجا من لجج ظلمات المخالفة وبالفائزين لحق ورقى الدرجات العلى بجنات النعيم، ومن تخلف عما ذكر غرق في بحر الكفران وهو في نار الجحيم.

ولقد سبك الدماميني هذا المعنى، وأتى بنص الحديث ضمنا:

لستُ أخْشَى يا آلَ أحمدَ ذَنْباً ... مع حُبِّي لكم وحسنُ اعْتقادِي

يا بِحارَ النَّدَى أأخْشَى وأنتم ... سُفُنٌ للنَّجاةِ يومَ المَعادِ

ومن خيرهم حبرٌ على أسرار العلوم أمين، وبحرٌ يتدفق بعجائب نظمه ونثره فإذا رمت الإفصاح عن حصر ذلك أمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015