أكْرِمْ به كاتباً أفْدِيه بي وأبي ... وثَغْرُه عن ثَمِينِ الدُّرِّ يبْتسِمُ

كأنه الشمسُ والقِرْطاسُ في يَدِه ... بدرٌ ومِنْطقة الْجَوْزَا له قَلَمُ

وقوله:

برُوحِي وأهلِي زَوْرة مِن مُمَنَّعٍ ... عليه تفَانتْ أنْفُسٌ وعيونُ

فبات يُرِيني الغُصْنَ كيف انْعطافُه ... وبِتُّ أُرِيهِ الهَصْر كيف يكونُ

ومِن دُونِه بِيضُ الصَّوارِم والْقَنَا ... قِبابٌ وأسْتارُ الجمالِ حُصونُ

ولكنَّها الأقْدارُ تُسْعِفُ مَن تَشَا ... فيُدْرِكُ ما لم تحْتسِبْهُ ظُنونُ

وقوله:

أَسْعَدُ الناسِ مَن يرَى ... مِنَحَ الحقِّ في المِحَنْ

والرِّضَا منه بالقَضا ... يُذْهِبُ الهمَّ والْحَزَنْ

وله في تعزية بين الوفا، ونقلتهما من خطه:

يَعِزُّ على لسانِي أن أُعَزِّي ... بساداتٍ همُ رَوْحُ الزَّمانِ

وما فُقِدُوا من الدنيا لشيءٍ ... سِوَى أن زَيَّنُوا غُرَفَ الْجِنانِ

مصطفى بن فتح الله النحاس لقيته بمصر شاباً ورده نبعي، وكلأه ربعي.

وغصن شبابه لدن، وجنة نزهاته عدن.

وسألته عن مسقط رأسه، فقال: دمشق البلدة التي لجيرتها على صفحات البدور مراسم، ولترائب تربها عقودٌ من درر المباسم.

وهو ممن تميز في الأدب أو كاد، وللرجاء فيه مواعد إذا وفت قيل: تفوق أو زاد.

وقد أهدى إلي من نظمه هائية، هاهيه:

أما والغِيدِ تخْطِر في حُلاهَا ... وتطلُع كالأهِلَّةِ في سَناهَا

وباناتِ القُدودِ إذا أبانَتْ ... برَوْضاتِ الخدودِ ضُحَى جَناهَا

وتْغريدِ الصَّوادِحِ في الرَّاوَابِي ... تبُثُّ من الجَوانحِ لي هَواهَا

ومَا فَعَل الغرامُ بقلبِ صَبّ ... يصُبُّ الدمعَ صُبْحاً أو مَساهَا

ومُرْسَلِ فَتْرَةٍ لم يَنْبُ فَتْكاً ... وآيةِ حَسْرةٍ قلبي تَلاهَا

وأوْقاتٍ خلعتُ مع العَذارَى ... عِذارَ العُذْرِ مُعْتنِقاً سبِاهَا

لقد أَصبحتُ أمْرَحُ في الأمانِي ... وأنْسَرِحُ انْسِراحاً في رُباهَا

وأصْبُو للعيونِ النُّجْلِ عُمْرِي ... وإن هي أغْمَدتْ قلبِي ظُبَاهَا

وأرْتشِفُ المَباسِمَ والثَّنايَا ... وأنْتشِقُ المَناسِمَ مِن شَذاهَا

ولي قلبٌ بلاَعِجَةٍ تَلظَّى ... وعَيْنٌ دَأْبُها أبداً بُكاهَا

وظَبْيٍ في سُوَيْدايَ رَتُوعٍ ... تحلَّى بالمَلاحةِ وارْتداهَا

كأن عِذَارَهُ زَرَدٌ نَظِيمٌ ... على خَدَّيْه مِن قُبَلِي حَماهَا

رمَى عَمْداً بأسْهُمِ ناظِرَيْهِ ... أصابَ مَقاتِلي لمَّا رَماهَا

رَشاً إن شاء يسْتلِبُ الْبَرايَا ... وإن ما شاء رَدَّ لها حِجَاهَا

ومَن وَجنَاتُه سَرقتْ لِحاظِي ... فجازاها القطِيعةَ مِن كَراهَا

دَرَى أنِّي أحِنُّ إلى لِقاهُ ... فعذَّب مُهْجتِي وعليَّ تَاهَا

ولمَّا أن نأَى خلَّصْتُ مَدْحِي ... لخيرِ عصابةٍ من آل طه

منها:

إليك أخا الفضائلِ والمَعالي ... مَطايَا المجدِ قد حَثَّتْ سُراهَا

لك الْباعُ الطويلُ يُرَى مَدِيداً ... ليبْسُطَ وافرَ العلمِ انْتباهَا

رَتَعْنا في رياضِك وانْتهلْنا ... مَناهِلَ قلبُ عبدِك ما سَلاهَا

أألْسِنةَ الْيَراعِ له اسْتَمِدِّي ... بَدائِعَ مِن مدائحَ لا تَناهَى

ويا سُودَ المَراعفِ ضَرِّجِي من ... طُروسِ مَدِيحه الْبِيض الْجِباهَا

ويا صُحُفَ المَديحِ نَشَرْتِ عَرْفاً ... له في الخافِقيْن زَكَا صَباهَا

ويا نُدْمانَ رَوضتِه أقيمُوا ... بجامعِ فضلِه في مُشْتهاهَا

ويا مَن مِن مَآثرِه اسْتزادُوا ... فلمْ يصِلُوا لغايةِ مُنْتهاهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015