فيبدي عن ماء النعيم رواؤه، ويزيل الصدى عن الأكباد الهيم إرواؤه.

وله شعر كنسبة عالي، محله الغرة من جبهة المعالي.

فمنه قوله لتمثال النعل الشريف:

لِتْمثالِ النِّعالِ بلا ارْتيابِ ... فضائلُ أدْهشتْ أهلَ الحسابِ

فيا شوقِي لِما وَطِئتْه رِجْلٌ ... علَتْ فوق العُلَى ودَنَتْ كقَابِ

تُشرِّف لاَثِميها ثم تَشْفِي ... من الأوْصابِ بالقَصْدِ الصَّوابِ

فخُذْها عُدَّةً من كلِّ هَوْلٍ ... تَراهُ لم يكن لك في حِسابِ

وتبْقَى ما حَيِيتَ عظيمَ جَاهٍ ... وعِزٍ في أمانٍ مُسْتطابِ

حَمَدْتُ اللهَ إذْ نظَرتْ عُيوني ... لها أشْكالَ حُسْنِ وانْتخابِ

ومَرْجِعُها مع التَّكْرارِ فَرْدٌ ... إذا خَفَّفْتَ مع كَشْفِ النِّقابِ

فجازَى الله مُهْديِها إليْنا ... جزاءَ الخيرِ مع حُسْنِ المَآبِ

وقوله فيه أيضاً:

لمَّا رأيتُ مِثالَ نَعْلِ المُصطفَى ... المُسْنَدَ الوَضْعِ الصَّحيحَ مُعَرَّفَا

مِن حَضْرةِ الأعْلامِ زاد تشوُّقِي ... وتشَوُّقِي فازدَدْتُ منه تَرَشُّفَا

مُذ باشَرتْ قَدَمَ الحبيبِ تشَرَّفتْ ... فانْحُ الشِّفاء بلَثْمِها تَجِدِ الشِّفَا

يا طَالَمَا مَرَّ اللُّغُوبُ من الأذَى ... وأضَرَّ بالجسم الضَّعِيفِ تعسُّفَا

وأصَابني داءُ الشَّقيقةِ مُؤْلِماً ... وبقِيتُ ممَّا نالني مُتخوِّفَا

فمسحتُ وَجْهِي بالمِثالِ تبرُّكا ... فشُفِيتُ مِن وَقْتِي وكنتُ على شَفَا

وظفِرتُ بالمطلوبِ من بَرَكاته ... ووجدتُ فيه ما أُرِيدُ مع الصَّفَا

لِمْ لا وصاحبُه أتانا رحمةً ... الهاشميُّ الأبْطَحِيُّ المُقْتفَى

صلَّى عليه اللهُ جلَّ جلالُه ... مع آلهِ الغُرِّ الكرامِ ذوِي الوفَا

أحسن ما قيل في هذا المعرض قول بعضهم:

مُذ شاهدتْ عَيْنَاي شكلَ نِعالِهِ ... خطَرتْ عليَّ خوَاطرٌ بمِثالِهِ

فغدَوْتُ مشغولَ الفؤادِ مُفَكِّراً ... مُتَمَنيِّاً أنِّي شِراكُ نِعالِهِ

حتى أُلامِسَ أَخْمَصَيْهِ مُلاطِفاً ... قَدَماً لمن كشَف الدُّجَى بجَمالِهِ

يا عَيْنُ إن شَطَّ الحبيبُ ولم أجِدْ ... سَبَباً إلى تَقْرِيبِه ووِصالِهِ

فلقد قنِعْتُ برُؤْيتِي آثارَهُ ... فأُمَرِّغُ الخدَّيْن في أطْلالِهِ

وأصل هذا قول علاء الدين بن سلام:

يا عينُ إن بَعُدَ الحبيبُ ودارُهُ ... ونَأتْ مَراتِعُه وشَطَّ مَزارُهُ

فلقد ظفرْتِ من الزَّمانِ بطائلٍ ... إن لم تَرَيْه فهذه آثارُهُ

ومثله قول لسان الدين بن الخطيب التلمساني:

إن بان مَنْزِلُه وشَطَّ مَزارُهُ ... قامتْ مَقامَ عِيانِه أخْبارُهُ

قَسِّمْ زمانَك عَبْرةً أو عِبْرةً ... هذا ثَراهُ وهذه آثارُهُ

ولهذا الشاعر معاصرٌ اسمه محمد بن ضيف الله، ويعرف بالترابي، رشيدي التربة، له في وصف التمثال الشريف:

لِمَن قد مَسَّ شكلَ نِعالِ طه ... جَزِيلُ الخيرِ في يومِ الثوابِ

وفي الدنيا يكونُ بخير عَيْشٍ ... وعِزٍ بالهَناءِ بلا ارْتيابِ

فبادِرْ والْثِمِ الآثارَ منها ... لَقصْد الفَوْزِ في يومِ الحسابِ

فنعمَ القَصْدُ أشْرفُ شَكْلِ نَعْلٍ ... لقد وُضِعتْ على وَجْهِ التَّرابِ

والذي جرى في ميدان هذا التماثل فلم يلحق الشهاب الخفاجي، حيث قال:

لَعَمْرُك نَعْلُ المصطفى بَركاتُها ... يُشاهِدُها كلُّ امْرِىءٍ كان ذا عقلِ

ولو أن في وُسعِي زِمامَ تصرُّفِي ... جعلتُ لها جَفْنِي مِثالاً بلا مِثْلِ

وكان أَدِيمُ الوَجْهِ فوق أدِيمها ... يَقيِها غُباراً من تُرابٍ ومن رَمْلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015