أُفَصِّل من دِيباجَتيْهِ وِقايةً ... تُمَدُّ عليها حَذْوُكَ النَّعْلَ بالنَّعْلِ

وقال:

وحَقِّك تِمْثالُ النِّعَالِ مُكَرَّمٌ ... به اعْترفَ العقلُ المُدقِّقُ والفضلُ

ونَعْلٌ لأقْدامٍ يَلِينُ لها الصَّفَا ... أيَقْسُو عليها القلبُ ممَّن له عَقْلُ

تفاءَلتُ مِن تَقْبِيلها أنَّنا بها ... على كلِّ ذي قَدْرٍ رفيعٍ غَداً نَعْلُو

موسى القلبيبي الأزهري كاملٌ في صنعة التأديب، لفظه الأزهري تهذيب التهذب.

أحسن ما شاء في النظم والإنشا، وأفاض قليبه فملا الدلو وبل الرشا.

ينادي الأدب إلى طاعته فلا يتوقف، ويلقي عصا سحره المصري فتتلقف.

فمما اخترته من شعره المعسول، هذه القطعة من موشح قاله في التوسل بجاه الرسول.

وقد كان أصابه رمد، فزال عنه بلطف القادر الصمد:

يا إلهي بكريمِ الكُرَمَا ... طاهرِ الأنْفاسْ

ألْطفِ الخلْقِ رحيمِ الرُّحَمَا ... سيِّدِ الأكْياسْ

عَبْدُك المُختار من أُمِّ القُرَى ... لقيامِ الدِّينْ

الحبيبُ المُجْتَبَى عالِي الذُّرَى ... صاحبُ التَّمكينْ

عَرْشُ سِرِّ الله ما بين الوَرَى ... شامِخُ العِرْنِينْ

رافعُ الخطب إذا مادَهَمَا ... دَافِعُ الأدناسْ

أعلمُ الناسِ بما قد قَدِما ... قبل عصرِ الْياسْ

نُقْطةُ التَّفْضِيلِ في الدَّوْرِ القديمْ ... مَظْهرُ اللاَّهوتْ

ظاهرُ التَّفْضيل مِن قبْلِ الْكَلِيمْ ... باطنُ النَّاسُوتْ

مُفْصِحُ التَّعْبِير عن أهلِ الرَّقِيمْ ... قامِعُ الطَّاغُوتْ

تُرْجُمانُ الطِّلْسَمِ الغَيْبِيّ ما ... قال ربُّ النَّاسْ

جاء جبريلُ به ممَّن سَمَا ... لجلاءِ الْباسْ

الرسولُ المُقْتَفى ممَّن مَضَى ... مَهْبِطُ الأسْرارْ

الصِّراطُ المُسْتقِيمُ المُرْتضَى ... صاحبُ المِقْدارْ

شاهرُ السيفِ القويمِ المُنْتضَى ... مَاحِقُ الأغْيارْ

كالِىءُ الإسلامِ حتى أن سَمَا ... كاسِرُ الأرْجاسْ

شافعُ الخَلْقِ إذا اشْتدَّ الظَّمَا ... صافِعُ الوَسْواسْ

قد توسَّلْتُ به أرْجُو الفَرَجْ ... فامْحُ آثامِي

وأزِلّ عنِّي عَنائِي والحَرَجْ ... واجْلُ إجْرامِي

وبلُطْفٍ منك بَرِّدْ مَا وَهَجْ ... واشْفِ أسْقامِي

وتلطَّفْ يا إلهي كَرَمَا ... بضَعِيفِ الرَّاسْ

وأغِثْنِي وأعذْنِي كلَّما ... وَسْوَسَ الخَنَّاسْ

صلواتُ وَاصِلاتٌ كلَّما ... دارتِ الأفْلاكْ

وسلامُ ورِضاً قَدْرُ ما ... سبَّحت أمْلاَكْ

لحبيبٍ ونَبِيٍ قد حَمَى ... مِن عَمَى الإشْراكْ

وعلى آلٍ وصَحْبٍ رحما ... عِتْرة الْعَبَّاسْ

ما غُصَيْنٌ في رياضٍ قد سَمَا ... وبلُطْفٍ مَاسْ

محمد المنوفي القاضي أديبٌ جيد التعبير، متقن التوشية والتحبير.

والقاهرة أفقه الذي به أستهل، ومحل عيشه الذي شب فيه واكتهل.

ثم ولي القضاء مراراً عدة، وتردد في نصب المناصب إلى أن استوفى المدة.

وله شعر أطربت به قصب اليراعة، وابتهجت برونقه رياض البراعة.

فمنه قوله من قصيدة في المدح، أولها:

لئن ضاق ذَرْعِي أو تغيَّر حالِي ... وعَطَّل منِّي الدهرُ ما هو حَالِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015