سمَا به النَّسَبُ الوَضَّاحُ حيث غدا ... طَرِيفُه جامعاً أشْتاتَ أتْلادِ

لقد حوَى من رَفِيعاتِ المَكارمِ ما ... يكْفِي لمَفْخرِ أجْدادٍ وأحْفادِ

أليس قد نالَ مُلْكاً في شَبِيبتِه ... ما ناله مًن سعَى أعْمارَ آبادِ

أليس في وَهَجِ الهَيْجا مَواقِفُه ... مَشْكورةً بين أعداءٍ وأضْدادِ

أليس أسْبَحَ في التَّنْعيمِ سابِحَه ... لُجَّ المَنايا ليُحْيِي فَلَّ أجْنادِ

أليس يومَ العَطا تحْكِي أنامِلُه ... خُلْجانَ بحرٍ بفَيْضٍ التِّبْرِ مَدَّادِ

أليس قد لاحَ في تَأْسِيسِ دولتِه ... من جَدِّه المصطفى رمزٌ بإرْشادِ

دامتْ مَعالِيه والنُّعْمَى بذاك له ... يَصُونُها وهْو مَلْحوظٌ بإسْعادِ

ما لاح بَرْقٌ وما غَنَّتْ على فَنَنٍ ... صَوادِحُ الْبلانِ وَهْنا شَجْوُها بادِي

قوله: أليس قد لاح في تأسيس دولته، يشير به إلى ما وقع للشريف زيد، فإنه لما ورد الأمر السلطاني بولايته الحرمين، وكان إذ ذاك بالمدينة المنورة، قصد زياة النبي صلى الله عليه وسلم، فأراد الخدم أن يفتحوا الباب، فوجدوه مفتوحاً، وكانوا قد أغلقوه من قبل، فعلم الناس أنه إشارةٌ إلى الفتح.

ومن لطائفه قوله من كتاب:

سقى الدمعُ مَغْنَى الوَابِليَّةِ بالحِمَى ... سَواجِمَ تُغْنِي جانِبَيْه عن الوَبْلِ

ولا برِحتْ عيني تنُوبُ عن الْحَيَا ... بدمعٍ على تلك المَناهلِ مُنْهَلِّ

مَغاني الغوانِي والشَّبيبةِ والصِّبا ... ومَأْوَى المَوالِي والعشيرةِ والأهلِ

سَقاها الْحَيا من أرْبُعٍ وطُلولِ ... حكَتْ دَنَفِي من بعدهم ونُحولِي

سَقا صَوْبُ الْحَيا دِمَناً ... بجَرْعاءِ اللِّوَى دُرْسَا

وزاد مَحلَّكِ المَأْنُو ... سَ يا دار الهوَى أُنْسَا

لئِن درَستْ رُبوعُك فالْ ... هَوى العُذْرِيُّ ما دَرسَا

إنما المحافظة على الرسوم والآداب، والملاحظة للعوائد المألوفة في افتتاح الخطاب، لمن يملك أمره إذا اعتن ذكر زينب والرباب، ولم تحكم عقال عقله يد النوى والاغتراب.

وليست لمن كلما لاح بارقٌ ببرقة ثهمد، فكأنه أخو جنة مما يقوم ويقعد.

تتقاذفه أمواج الأحزان، وتترامى به طوائح الهواجس إلى كل مكان.

فهو وإن كان فيما ترى العين قاطناً بحيٍ من الأحياء،

يَوْماً بحُزْوَى ويوما بالعَقِيقِ وبالْ ... غُوَيرِ يوماً ويوما بالخُلَيْصاءِ

لا يأتلي مقسم العزمات، منفصم عرى العزيمات.

لا يقر قراره، ولا يرجى اصطباره.

إن روح القلب بذكر المنحنى أقام الحنين حنايا ضلوعه، أو استروح روح الفرج من ذكر الخيف بمنىً أو مضت بوارق زفراته تحدو بعارض دموعه.

مَن تمنَّى مالاً وحُسْنَ مآلٍ ... فمُنايَ مِنىً وأقْصَى مُرادِي

فيا له من قلبٍ لا يهدأ خفوقه ولا تني لامعةً بروقه، ولا يبرح من شمول الأحزان صبوحه وغبوقه.

يساور هموماً فما مساورة ضئيلةٍ من الرقش، ويناجي أحزاناً لو لابس بعضها الصخر الأصم لانهش، ويركب من أخطار الوحشة أهوالاً دونها ركوب النعش.

يحن إلى مواضع إيناسه، ويرتاح إلى مواضع غزلان صريمه وكناسه، ويندب أيام يستثمر الطرب من أفنان أغراسه.

أيامَ كنتُ من اللُّغوبِ مُراحَا

أيامَ لا الواشِي يَعُدُّ ضَلالةً ... وَلَهِي عليه ولا العَذُولُ يُؤنِّبُ

أيَّامَ ليلَى تُرينِي الشمسَ طَلْعتُها ... بعد الغروبِ بدَتْ في أُفْقِ أزْرارِ

أيامَ شَرْخُ شبابِي رَوضةٌ أُنُفٌ ... ما رِيع منه برَوْعِ الشَّيْبِ رَيْعانُ

أيامَ غُصْنِيَ لَدْنٌ من نَضارتِه ... أصْبُو إلى غيرِ جاراتِ وحاراتي

ثم انْقضَتْ تلكَ السِّنُون وأهْلُها

لم يَبْقَ منها لِمُشتاقٍ إذا ذكَرا ... إلاَّ لَواعِجُ وَجْدٍ تبعثُ الفِكَرَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015