ولا طَفى جَمْرَ خَدٍ منه مُلْتهِباً ... وإن يكنَ بالجفا والصدِّ أحْرقنِي
وزاد في ضِيق خَصْرٍ منه ضِقْتُ به ... ذَرْعاً وأنْحَلَه إذ كان أنْحلنِي
ولا عَدَا لُعْسَ هاتِيكَ الشِّفاهِ لَمىً ... وإن حَمى رَشْفها عنِّي وأعْطَشَنِي
ولا اخْتفتْ من ثَناياه بَوَارِقُها ... وإن بكيْتُ لها بالعارضِ الهَتِن
وشَدَّ أقْواسَ تلك الحاجِبيْن وإن ... غدت بنَبْلِ العيونِ النُّجْلِ ترشُقنِي
ولم تزلْ شمسُ ذاك الحسنِ مُشْرِقةً ... في وجهِه لو بدمعِ العينِ شَرَّقنِي
ودام أهْيَفُ ذاك القَدِّ في مَيَدٍ ... ولو أطار الحشا إذ صار كالغُصُنِ
وضاعَف اللهُ ذاك الحسنَ أجْمَعَه ... ولو رماني بِضْعف الضُّرِّ في البدنِ
أبْقاه في دَوْلةٍ بالحُسْن زاهرةٍ ... ولو جميلُ اصْطِبارِي في هَواه فَنِي
وزاد ذاك المُحَيَّا بهجةً وسَناً ... وإن حَمى عن جفوني لَذَّةَ الوَسَنِ
يا مَن جميعُ مَعانيه فُتِنْتُ بها ... لا أخْمَدَ اللهُ ما تُبْدِي من الفِتَنِ
أحْسِنْ بوجهِك فالإحسانُ أجمعُه ... يليقُ لا غيرُهُ من وجهِك الحَسَنِ
وله معارضاً قصيدة المهتار الهائية:
كم مُهْجةٍ بالغرامِ مُنْسَبِيَّهْ ... وما لمِن يقتل الغرامُ دِيَّهْ
فلْيَحْذرِ الحبَّ كلُّ مُحْترِشٍ ... به ففيه الحُتُوفُ مُنْطوِيَّهْ
وفي رُبَا شِعْبِ عامرٍ رَشَأٌ ... له عيونٌ بالسِّحرِ مُمْتلِيَّهْ
في حُسْنِه اليومَ صار مُنْتهِياً ... وعَشْقتِي فيه غير مُنْتهِيَّهْ
كم شمس حُسْنٍ عليه مُشْرقةٌ ... منها بدورُ التّمامِ مُخْتفِيَّهْ
إذا بدا مُقْبِلاً ولاح فقد ... جعلتُ منه الجَبِينَ قِبْلَتِيَّهْ
لي مُهْجةٌ غَرَّها بِغُرَّتِه ... آهاً له عن صِيادِ غُرَّتِيَّهْ
وما هَدانِي بصُبْح طَلْعتِه ... إلاّ بلَيْلِ الشُّعورِ ضلَّنِيَّهْ
فحَبَّذا ذلك الضلالُ به ... لِمُهْجةٍ بالضلالِ مُهْتدِيَّهْ
وأغْيدٍ ذُبْتُ من مَحبَّتِه ... ونفسُه بالجمالِ مُلْتهِيَّهْ
مُحَسَّنِ الخلقِ أحْوَرٍ تَرِفٍ ... خِلْقتُه بالكمالِ مُسْتوٍيَّهْ
للحسنِ في وَجْنتيْهِ كلٌّ حَلاَ ... مَاءٌ ونارٌ أحارَ فِكْرَتِيَّهْ
فلم أنَلْ ماءَ وردِ وَجْنتهِ ... ومِن لَظاها أحْشايَ مُلْتظِيَّهْ
لا تعجَبُوا إن فَنِيتُ فيه هوىً ... فذاتهُ للهلاكِ مُقْتضِيَّهْ
ووَجْنةٍ بالجمالِ زاهرةٍ ... بنَرْجِسِ المُقْلتيْنِ مُحْتمِيَّهْ
ورُبَّ خِدْرٍ طَرَقْتُ بَيْضتَه ... والليلُ ظَلْماه غيرُ مُنْجَلِيَّهْ
وحَوْلَها من حُماتِها أُسدٌ على اضْطرابِ الحروبِ مُجْترِيَّهْ
فانْتبهَتْ من لذيذِ نَوْمتِها ... تقول مَن ذا يحُلُّ غَرْزَتِيَّهْ
فقلتُ صَبٌّ أذبْتِ مُهْجتَه ... بالحُسْنِ يابُغْيتي ومُنْيَتِيَّهْ
قالت لقد رُمْتَ مَطلباً خَطِراً ... مِن دونه الموتُ يا مُتيَّمِيَّهْ
أمَا رأيتَ الأسودَ رابِضةً ... أما رأيت السيوفَ مَنْتضِيَّهْ
فقلتُ إن المحبَّ مُهْجتَهُ ... بالموتِ فيمن يحبُّ مُرْتضِيَّهْ
وحبَّذا يا ابْنةَ الكرامِ إذا ... بلغْتُ في مُنْيتِي مَنِيَّتيَّهْ
فيما حياةَ النفوسِ أنا مَن ... أعْشَقُ في الغانِياتِ مِيتَتيَّهْ
فقالت الآنَ مَرحباً بفتىً ... قد عشِق الموتَ في مَحبَّتِيَّهْ
وأرْشفتْني رَحِيقَ رِيقتِها ... والنْفسُ منِّي لذاك مُشْتهِيَّهْ