أنا الذي صِرتُ فيكمُ مَثيلاً ... لاقَيْتُهُ بالغَرام مُدَّعِيَّهْ

ورُبَّ ليلٍ طرقْتُ حَيَّكمْ ... أزورُ في الحيِّ رَبْعَ مُنْيِتيَّهْ

مَن يسحرُ الطّرْفَ حُسْنُ بَهجتِها ... إذا بدت بالجمالِ مُرتدِيَّهْ

خُرْعُوبةٌ بالمَهَا لها شَبَهٌ ... رُعبوبةٌ بالظِّباءِ مُزْدرِيّهْ

مَعشوقَةُ القَدِّ غادةٌ وأرَى ... ألحاظَها في النفوس مُعْتدِيَّهْ

أتيْتُها والعيونُ راقدةٌ ... وأنْصُلُ القومِ غيرُ مُنْتضِيَّهْ

لمَّا رأتْنِي رَبَّ الجَوَى عَلمت ... غَدَتْ لَثْنِي الوِسادِ مُتَّكِيَّهْ

قالتْ أما خِفْتَ قومَنا فلقد ... خاطَرْتَ لمَّا قصدْتَ زَوْرَتِيَّهْ

فقلت إنَّ المُحِبَّ مُهْجتُه ... للحَيْنِ في الحبِّ غيرُ مُتَّقِيَّهْ

فبِتُّ في ليلتي أُسامِرُها ... وبُسْتُ فَاها النَّقِيَّ عَشْرَمِيَّهْ

حتى بَدَا صُبْحُها فَفرَّقنا ... لا كان صبحٌ بدَأ بفُرْقَتِيَّهْ

ومن مقطوعاته قوله:

طِفْلٌ من العُرْبِ أحْوَى ... خِدْنُ الصِّبا والبَطالَهْ

بَدا بوَجْهٍ كبدرٍ ... في جِيدِه الطَّوْقُ هَالَهْ

وقوله مقتبساً في مليحٍ فقير الحال:

تَصُدُّ وكم تَصدَّى منك كَفٌّ ... لِمَن لم يدْرِ قَدَّكَ يا مُفَدَّى

وصَدُّك عن أُلِي أدبٍ وأمَّا ... مَن اسْتغْنَى فأنْتَ له تَصَدَّى

وقوله:

ألا لا تغْضبَنَّ لمَن تَعالَى ... ولا تُبْدِ الودادَ لِمَن جفاكَا

ولا تَر للرِّجالِ عليك حَقّاً ... إذا هم لم يَرَوْا لك مثلَ ذَاكَا

وقوله:

كم ذا أُغَمِّضُ عيْني ثُمَّ أفتحُها ... والدهرُ ما زال والدنْيا بحَالتِهَا

فليت شِعْرِيَ ما معنَى مَقالتِهمْ ... ما بيْن غَمْضةِ عَيْنٍ وانْتباهَتِهَا

وقوله:

وظَبْيٍ رَمانِي عن قِسِيِّ حَواجِبٍ ... بأسْهُمِ لَحْظٍ جَرْحُها في الهوى غُنْمُ

على نَفْسِه فلْيَبْكِ مَن ضاع عُمْرُه ... وليس له منها نصيبٌ ولا سَهْمُ

قد أكثر الشعراء تضمين هذا المصراع في هذا المعرض، والذي أخذ بنصيبه وسهمه القيراطي، حيث ضمنه في رياض دمشق، ومنها محلان، يقال لهما النصيب والسهم:

دمشقُ بِوديها رِياضٌ نَواضِرٌ ... بها ينْجلِي عن قلبِ ناظرِها الْهَمُّ

على نفسِه فلْيَبْكِ مَن ضَاع عُمْرُهُ ... وليس له منْها نصِيبٌ ولا سَهْمُ

وله:

أسألُ الرحمنَ ذا الفضْ ... لِ إلهَ العَرْشِ رَبِّي

حُسْنَ نَظْمِ الأرَّجانِي ... ثم حَظَّ المُتنبِّي

ومما رأيته بخطه، وقد نسبه إلى نفسه، قوله في تشبيه الحجر الأسود:

الحجرُ الأسودُ شبَّهْتُه ... خَالاً بخَدِّ البيتِ زَاهٍ سَناهْ

أو أنه بعضُ مَوالِي بني ال ... عباسِ بَوَّابٌ لِبَابِ الإلهْ

وله في قناديل المطاف:

تراءتْ قناديلُ المَطافِ لِناظِرِي ... على البُعْدِ والظَّلْماءُ ذاتُ تَناهِي

كدائرةٍ من خالِصِ التِّبْرِ وَسْطها ... فَتِيتةُ مِسْكٍ وهْي بيتُ إلهِي

وله في المنائر في ليالي رمضان:

كأن المَنائِرَ إذْ أُسْرِجَتْ ... قَنادِيلُها في دَياجِي الظَّلامْ

عَرائِسُ قامتْ عليها الحُلَى ... لتنْظُرَ بيتَ إلهِ الأنامْ

إبراهيم بن محمد بن مشعل العبدلي السالمي أرق لطفاء الحجاز، وأوحد ذوي الإعجاز بالتطويل والإيجاز.

له طبع نقيٌّ متقد، وشعر يختاره كل منتقٍ منتقد.

تناهبت محاسنه الشوادي والحوادي، فحثت بها المدامة في الحانات والمطايا في البوادي.

وقد أوردت له ما يستخف من الطرب القدود، ويغني عن الوردين ورد الرياض وورد الخدود.

فمن ذلك قوله:

لا أرَّق اللهُ مَن بالسُّقْمِ أرَّقنِي ... ولا شَفَى سُقْمَ لَحْظٍ منه أسْقَمنِي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015