حُماةٌ كُماةٌ قادةُ الخيلِ في الوَغَى ... ضَراغِمُ يومَ الرَّوْع تَلْقاك ضاريَهْ

بَهالِيلُ في الْبأْساءِ يومَ تَناضُلٍ ... إذا ما الْتَقى الجَيْشان فالعارَ آبِيَهْ

ثِيابُهمُ من نَسْجِ داوُدَ سُبَّغاً ... وأوْجُههمْ تحكي بدوراً بِداجِيَهْ

سَمَوْا لدِرَاكِ المجدِ والثأرِ والعُلَى ... ورَوّوا قَناهُم من دِما كلِّ طامِيَهْ

وسارُوا على مَتْنِ الخُيولِ وسَوَّرُوا ... بذِي شُطُبٍ عَضْبٍ وسَمْراءَ عالِيَهْ

عَلاءٌ لهم لم يبْرحُوا في حِفاظِه ... مدَى الدهرِ والأزْمانُ عنه مُحامِيَهْ

فهم سادةُ الأقْوامِ شَرْقاً ومغرِباً ... وبَرّاً وبحراً والقُرومُ المُحاميَهْ

فلا غَرْوَ أن كان النبيُّ محمدٌ ... إليهم لَيُنْمَى في جَراثيمَ سامِيَهْ

به افْتخروا يوم الفَخارِ وقَوَّضُوا ... بِناءَ العُلَى عن كلِّ قومٍ مُضاهِيَهْ

به كَسَرُوا كِسْرَى وفَلُّوا جُموعَه ... لكثْرتها في العَدِّ لم تدْرِ ما هِيَهْ

ونافُوا على الأطْوادِ عِزّاً ورِفْعةً ... وزادُوا على الآسادِ بأْساً وداهِيَهْ

بَلاغاً صريحاً واضحاً كاشفاً له ... قِناعَ المُحيَّا فَلْيُلبِّينَ داعِيَهْ

وإيَّاهمُ والرَّيْثَ عن نَصْرِ خِدْنِهمْ ... ولا يأْمَنُوا الدنيا فليستْ بصافِيَهْ

وقُلْ لهمُ يسْرُون فوق جِيادِهمْ ... خَفايَا كما تمْشِي مع السُّقْمِ عافيَهْ

ولده السيد علي صاحب السلافة القول فيه أنه أبرع من أظلته الخضرا، وأقلته الغبرا.

وإذا أردت علاوةً في الوصف قلت: هو الغاية القصوى، والآية الكبرى.

طلع بدر سعده فنسخ الأهلة، وانهل سحاب فضله فأخجل السحب المنهلة.

أخبرني السيد علي بن نور الدين بمكة المشرفة، قال: كان رفيقي في التحصيل، وزميلي في التفريع والتأصيل.

والصبا ينزع أواخينا، والرغبة في الاستفادة تعقد في البين تواخينا.

وكلانا في مبدأ صوب القطر من الغمامة، وباكورة خروج الزهرة من الكمامة.

فكنت أشاهد من حذقه الغاية التي لا تدرك، ومن غرائب صنائعه المنزلة التي لا تشرك.

هذا وليلُ الشبابِ الْجُونِ مُنْسَدِلٌ ... فكيف حين يجيءُ الليلُ بالسُّرُجِ

ثم فارق البيت والمقام، ودخل الهند فنهض حظه بها وقام.

وهو الآن متقلد خدم ملكها الشريفة، ومتفيءٌ في عهده ظلال النعم الوريفة.

وقد ألف تآليف تهفو إليها الأفكار، وتجنح إليها جنوح الأطيار إلى الأوكار.

منها كتابه المسمى بسلافة العصر، التي زف بها البكر ابنة الفكر، في هودجها الفرج، وجلبابها الأرج.

تباطأ عنها السوابق، وتتطأطأ عن سموها السوامق.

وجاء بها أصفى من ماء الشباب في غضارته، في زمن لم يبق منه إلا رديء عصارته.

إلا أن الظنون مرجمة، وألسنة الانتقاد عنها مترجمة، والأقوال فيها كثيرة، والعبارات للازدراء مثيرة.

وذلك لما بدا منه من أغراض، كان حقها أن تعامل بالإعراض.

فهو في إيراد تلك الفصول، معرض بنفسه إلى وصمة الفضول.

والحق أنه أحسن ماشا، وأبدع فيما أنشا ووشى.

وكم أورد من نادرةٍ مستظرفة، وأبدع من فائدةٍ مستطرفة.

وهو في الأدب بحرٌ ماله ساحل، إذا قصد أن يدنو منه طيف الفكر أصبح دونه بمراحل.

وله شعر أرق من كل رقيق، وأحق بالقبول من غيره عند التحقيق.

فمنه قوله من خمرية:

لَمعتْ ليلاً فقالوا لَهَبُ ... وصفَتْ لَوْناً فقالوا ذهَبُ

وإذا ما انْدفقَتْ من دَنِّها ... في الدُّجَى قالوا طِرازٌ مُذْهَبُ

قهوةٌ رَقَّتْ فلولا كأسُها ... لم يُشاهِد جِرْمَها مَن يشْربُ

وتراها في يدِ السَّاعي بها ... كوكباً يسْعَى بها لى كوكبُ

ألْبَسَتْها الكأسُ طَوْقاً ذهَباً ... وحَباباً بالَّلآلِي الْحَبَبُ

عجِبُوا من نُورِها إذْ أشرقتْ ... وشَذاها من سَناها أعْجَبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015