سقَى تلك من نَوْءِ السِّماكيْن جَحْفَلٌ ... سحائب غَيْثٍ مَرْبَعاً ثم مَربَعَا

تَظلُّ الصَّبا تحْدُو بها وهْي نُعّمٌ ... وتُنْزِلُها سَهْلاً وحَزْناً وأجْرَعَا

فتلك مَغَانٍ لا تزال تحُلُّها ... خَدَلَّجةُ الساقْين مَهْضومةُ المِعَى

رَبِيبةُ خِدْرِ الصَّوْنِ والتَّرَفِ الذي ... يزِيد على بَذْلِ اللَّيالِي تمنُّعَا

تروَّتْ من الحسن البَهِيِّ خُدودُها ... وقَامَتُها كالغُصْنِ حين تَرَعْرَعَا

قَطُوف الخُطَا مثلُ القَطَا حين ما مَشَتْ ... تقومُ بأرْدافٍ يُحَاكينَ لَعْلَعَا

وكتب إلى محمد الحشري الشامي رقعةً، صورتها: يا مولانا عمر الله بالفضل زمانك، وأنار في العالم برهانك، سمحت للعبد قريحته، في رئم هذه صفته، بهذين البيتين:

تَراءَى كظَبْيٍ خائفٍ من حبائلٍ ... يُشِيرُ بطَرْفٍ ناعِسٍ منه فاتِرِ

وقد مُلِئتْ عيْناه من سُحْبِ جَفْنِه ... كنَرْجِسِ رَوضٍ جادَه وَبْلُ مَاطِرِ

فإن رأى المولى أن يجيزهما ويجيرهما من البخس، فهو المأمول من خصائل تلك النفس، وإن رآهما من الغث فليدعهما كأمس.

ولعل الاجتماع بكم في هذا اليوم قبل الظهر أو بعد العصر، لنحث من كؤوس المحادثة ما راق بعد العصر.

والمملوك كان على جناح ركوب، بيد أنه كتب هذه البطاقة وأرسلها إلى سوق أدبكم العامرة التي ما برح إليها كل خير مجلوب.

فأسْبِل السِّتْرَ صَفْحاً إن بَدا خَلَلٌ ... تهْتِك به سِتْرَ أعداءٍ وحُسَّادِ

فكتب إليه بهذين البيتين بديهة:

ولرُبَّ مُلْتَفتٍ بأجْيادِ المَهَا ... نحوِي وأيْدِي العِيسِ تنْفُث سمَّهَا

لم يَبْكِ من ألَمِ الفِراقِ وإنما ... يسْقِي سيوفَ لِحاظه ليسُمَّهَا

ثم نظم المعنى بعينه، فقال:

ولقد يُشير إليَّ عن حَدَقِ الْمَهَا ... والرُّعْبُ يخْفِق في حَشاهُ الضَّامِرِ

أسْيانَ يفْحَص في الحبالِ كأنه ... ظَبْيٌ يُخبِّط في حَبالةِ جاذر

غشَّت نواظِرَه الدموعُ كأنها ... ماءٌ ترقْرَق في مُتُونِ ضَوامِرِ

رقَّتْ شمائلُه ورَقَّ أدِيمُه ... فتكاد تشْربُه عيونُ النَّاظِرِ

وقال أحمد الجوهري، معارضاً له:

وظَبْيٍ غَرِيرٍ بالدَّلالِ مُحجَّبٍ ... يرى أن سَتْرَ العَيْن فَرْضُ المَحاجِرِ

رَمانِي بطَرْفٍ أسْبَلَ الدمعَ دونه ... لِئلاَّ أرى عينيْه من دون ساتِرِ

ولما وقف أدباء اليمن على بيتي النظام، تجاروا في مضمارهما بسوابق النظام.

فقال السيد حسن الجرموزي:

ورِئْمٍ فلا أصلُ المَحاسنِ فَرْعُه ... تبدَّى كبدرٍ في الدجَى للنَّواظِر

سَبانِي بجَفْن أدْعج ماج ماؤُه ... فطرَّز شُهْبَ الدَّمْع ليلَ الغدائرِ

وقال حسن بن علي باعفيف:

وخِشْفٍ عليه الحسنُ أَوْقفَ حُسْنَه ... له ناظرٌ يحْمِيه عن كلِّ ناظرِ

نظرتُ إليه ناثراً دُرَّ دَمْعِه ... فَنظَّام فكرِي هام في دُرِّ ناثِرِ

وقال عبد الله الزنجي:

وطَرْفٍ له فعلُ السيوفِ البَواتِرِ ... يُصِيب به مُسْتَلْئِما كلَّ حاسِرِ

رمَى ورَنَا فانْهَلَّ بالدمعِ جَفْنُه ... كدُرٍ حَواه سِمْطُ نظمِ الجواهرِ

وقال السيد علي بن النظام الناظم:

وللهِ ظَبْيٍ كالهلالِ جَبينُه ... رَمانِي بسهمٍ من جُفونٍ فَواتِرِ

جرَتْ بمآقِيه الدموع كأنّها ... مِياهُ فِرِنْدٍ في شِفاهِ بَواتِرِ

ومن نظم النظام في الحماسة:

إلى كم تقاضَاني الظُّبا وهْي ظامِيَهْ ... وتشْكُو العَوالِي جوعَها وهْي طاوِيَهْ

وتُشْجِي الجِيادُ الصافِناتُ صَهِيلُها ... مُتَيَّمَ وَقْعاتٍ على الدَّمِ طافيَهْ

فمن مُبْلِغٍ عني نِزاراً ويَعْرُباً ... أولئك قومٌ أرْتَجيهم لِمَا بِيَهْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015