رفعتَ لِواءَ الدِّين حتى خَفْقتَها ... من الدُّونِ يوم النصرِ بالفتْحِ يظْهَرُ
ألسْتَ الذي يوم ابنِ مَعْنٍ ونجْلِه ... تأزَّرْتَ مجداً عنه غيرُك يُزْجَرُ
وصَوَّمْتَه فيه عن الفِطْرِ بالقَنَا ... وقلبُ السِّوَى منها بها يتفَطَّرُ
ويمَمْتَ إذ يمَّمتَ للنصرِ مُسْرِعاً ... وجوهاً تَراها في الوَطِيسِ تَعفَّرُ
وصَلَّيْتَهم من ذلك اليومِ مَشْهداً ... تأمَّمْتَ صَفّاً فيه أنت المُكبِّرُ
وأوْردتَ منهم مَعْشراً مَشرعَ الوَغَى ... وأصْدرْتَهم والسيفُ بالدَّمِ يقْطُرُ
فما السُّمْرُ إلاّ في الوَغَى كغُصونِه ... بهَامِ العِدَى سُمْراً من البِيض تُثْمِرُ
ولا عجَبٌ هذا فآيُ محمدٍ ... تَدِينُ لها أهلُ الدُّنا حين تُذْكَرُ
هو البطلُ الحامِي الذِّمارَ ومَن به ... تُهَدُّ حصونُ المارِقين وتُهْدَرُ
فيا أيُّها الشَّهْمُ الهِزَبْرُ الذي إذا ... دَعاهُ امْرُؤٌ أغْناه إذْ هو مُفْقَرُ
إليَّ فمالي غيرَ سُوحِك مُنْجِدٌ ... أمَسُّ بوجْهِي بابَه وأُعفِّرُ
وقد ضاقتِ الدنيا عليَّ بأسْرِها ... وضِقْتُ بها ذَرْعاً وقَفْرِيَ مُقْفِرُ
وأنت لنا غَيْثٌ إذا شَحَّ مَاطِرٌ ... وماسَحَّ يَرْوِي المُمْطَرين ويُمْطِرُ
وأنت الذي قد عَمَّ وَاكِفُ كَفِّهِ ... بوَزْنِ نُضارٍ لا بمُزْنٍ يُدَرَّرُ
وسائله نيلاً وسائله ترى ... مَقاصد عمَّن رامَها ليس تقصُرُ
إليَّ وفرِّج ما انْطوَى في جَوانِحِي ... من الهمِّ حتى بعدُ لا أتأمَّرُ
فكم لك في يومِ الوغَى من مَعارجٍ ... ومن فُرَجٍ فَرَّجْتها حين تَنْضُرُ
وكم لك في الحُجَّاجِ آيٌ جميلةٌ ... يُقصِّر عنها في مُنَى الطَّوْلِ قَيْصَرُ
وكم لك في ساداتِ مكةَ من يَدٍ ... ومن حسَناتٍ فضلُها ليس يُحْصَرُ
وماذا عسى أُحْصِي صفاتِك والورَى ... بأجْمعِهم عن وَصْفِ فضلِك تقصُرُ
ومن شعره قوله:
أتزعُم أنك الخِدْنُ المُفدَّى ... وأنت مُصادِقٌ أعْدايَ حَقَّا
إليَّ إليَّ فاجْعلنِي صديقاً ... وصادِقْ مَن أصادقُه مُحِقَّا
وجانِبْ مَن أُعادِيه إذا ما ... أردتَ تكونُ لي خِدْناً وتَبْقَى
وهو ينظر إلى قول الآخر:
إذا صافَى صديقُك مَن تُعادِي ... فقد عاداك وانْفصلَ الكلامُ
وله رسالة في شرح البيتين المشهورين:
مِن قِصَرِ الليلِ إذا زُرْتِنِي ... أشْكُو وتشْكِين من الطُّولِ
عَدُوُّ عينيْك وشانِيهما ... أصْبَحَ مَشْغولاً بمشْغولِ
أحمد نظام الدين ابن الأمير محمد بن نصير الدين بن إبراهيم بن معصوم هذا النظام، به تم نظام النثار والنظام.
فهو في حوزة المعالي ذو قدرٍ معظم، وفي صنعة النظم صاحب درٍ منظم.
طلاع أنجدةٍ للمجد بواري زنده، مصقول شبا الفكر كالسيف مع فرنده.
تبلغ بالفضل غاية الاشتهار، وبدا كما تبدو الشمس للمبصر في وسط النهار.
حتى عشقت أوصافه الأسماع، وتوفرت للتملي من مشاهدته الأطماع.
فاستدعاه الملك شاهنشاه صاحب حيدر أباد، فدخل إليه الديرة الهندية، متهيئاً لأن يتفيأ كما يستحقه ظلال دولته الندية الندية.
فلما رآه الملك اعتد به واغتبط، وأكرم نزله بمواهبه فارتبط.
ثم أملكه بنته، ورعى غرسه ونبته.
فكثر رياشه، وحسن معاشه، وتولته العناية فعظم انتعاشه.
فأقام وسوق الفضل به نافق، وحظ الكرام بملاحظته لهم موافق.
إليه مطايا الأمل تزجى، ومن يده سحب المكارم ترجى.
حتى ولعت بالملك يد الهلك، واستولى الميرزا أبو الحسن بعده على الملك.
عند ذلك صدمه الزمن المتقلب، وانقلب عليه الدهر المتغلب.
فقفبض عليه أبو الحسن وسجنه، وخلاه رهن قيده وشجنه.