وخفِّضا عليكما وخَلِّيا ... دمعِي السَّفِيحَ رائِحاً وغادِي
يرْمُل في جَرْعائِها بعَسْفِها ... لا يعْترِيه وَهَنُ الوِخادِ
ويجعل الحصْبَا عَقِيقاً أحمراً ... من النَّجِيعِ الأحمرِ الفِرْصادِ
ويترك القاع له أعِقّةٌ ... يكْرَع منها كلُّ صَبٍ صادِي
وزَفْرةٌ قد غُرِست بمُهْجتِي ... وطَلْعُها في لِمَّتَيَّ بادِي
تتابعتْ حتى يُخالُ أنني ... من فَرَقٍ لِمُنْجِدٍ أُنادِي
أذابت القلبَ سِوى ما أحْرزُوا ... ثم ثَوَى في وسَط الفؤادِ
وعاذلٍ يعبثُ بي لَوَ انَّه ... يُمازِجُ التْشكيكَ باعْتقادِ
كأنما يرقُم في كوثرٍ ما ... أفْرغ في الفؤاد من وِدادِ
لا يقبلُ التَّعْنيفَ في الهوى سِوَى ... مَ، يقْتنِي غيرَ هوَى سُعادِ
واحَرَّ قلباه وبَرْدَ المُشتهَى ... هيْهات كيف مَجمَعُ الأضْدادِ
ذادُوا السيوفَ عن وُرودِ هائمٍ ... زادتْ على الأنْواءِ للُورَّادِ
ما حَنَّ طَرْفٌ جاد إذ قد ضَنَّ نَوْ ... ءُ الطَّرْفِ أن يحمْي عن المِبْرادِ
هيهات لم يبرحْ يرُوم نَظْرةً ... من حضرةِ الإسعافِ والإسْعادِ
من حضرةِ المختار طه أصْلِ مَب ... نَى الكونِ في التَّعيين والإيجادِ
مِن نُورِ ذي العرشِ الرفيعِ كُنْهُه ... تواترٌ قد جاء بالآحادِ
في قولِ لولاك إشارةٌ ولا ... خَفاءَ للمُريدِ في المُرادِ
يدْرِيه مَن يرى الشُّئونَ جُمِّعتْ ... في مُفْردٍ مجتمعِ الإفْرادِ
فآدمُ الآبا وغيرُه له ... فرعٌ على معنىً جَلِيِّ الرَّادِ
وذاك معنَى أنه أصلُ الوجو ... دِ أوّلٌ في البَسْطِ بالأعدادِ
فاعْجَبْ له خَتْماً نَبِيّاً أوَّلاً ... قد جاء بالتحقيقِ في الإسْنادِ
الواضحُ الحقَّ الصَّحيح حَسْبَما ... حَرَّره أئمَّةُ الإرشادِ
وبعد أن زان جمالُ وجههِ ... وجودَه جاء الكمالُ هادِي
فقام بالتَّوحيدِ داعِياً له ... وراقَب المُدْعَوْنَ بالمِرْصادِ
ومَهَّد الشرعَ القديم للورَى ... مُبَيَّنَ المِيعادِ والإيعادِ
وشَتَّ شَمْلَ الكفرِ بانْتظامِنا ... في سِلْكِه كالعِقْد في الأجْيادِ
فابْتَهَج الكونُ بن نَضارةً ... وصدَحتْ في دَوْحِها الشَّوادِي
وخفَقتْ ألْوِيةُ النصرِ على ... سكُونِ ريح الكفرِ والأعادِي
وزَمْزَم الرعدُ على مَسْرَى الصَّبا ... وشقَّتِ السُّحْبَ ظُبَا الغَوادِي
وأضْحك الرَّوضَ بُكاؤُها على ... مَسرَّةِ النِّتَاجِ والإيلادِ
وأحْيتِ الأنْوا مَواتَ الجَدْبِ مِن ... مُرْتَبعِ التِّلالِ والوِهادِ
ونُتِجتْ من صُلْبهِ أئمَّةٌ ... قادوا إلى الإيمان والرَّشادِ
مِن مَظْهر الزَّهراء ذات الفَخْرِ في ... حظائر التَّقديس والإسْعادِ
مِن حَيْدرٍ عليٍ الطُّهْرِ أمي ... ر المؤمنين سيِّد الأمجادِ
قد أعْرَضوا عمَّا به الناسُ عُنُوا ... وصرَفوا الوجْهَ إلى المَعادِ
تزهَّدوا وذاك مِن صِفاتِهم ... ذاتاً وهل يخْفَى شَمِيمُ الجادِي
قد شرفوا على الورَى فحَسْبُهم ... نَصُّ الكتابِ عن حَصا التَّعْدادِ
يا سيِّدَ الرُّسْل ويا خِتامَ من ... قد خُصِّصوا بوافرِ الأيادِي
يا خيرَ مبعوثٍ على ظهرِ الثَّرَى ... بسَيْبه أخْضبتِ الأيادِي