فأنت امرؤٌ بالأمسِ قد كنت جارَها ... وللجارِ حقٌّ قد علمتَ على الجارِ

عشوتَ على الَّلذَّاتِ فيها على سَنَا ... سَناءِ شموسٍ ما يغِبْن وأقْمارِ

فأصبحتَ قد أنفقْتَ طَيِّبَ ما مضَى ... من العمرِ فيها من عُونٍ وأبْكارِ

نواصِعُ بِيضٌ لو أفَضْن على الدجى ... سَناهُنَّ لاسْتغْنى عن الأنْجُمِ السارِي

خرائدُ يقْصرن الأصولَ بأوْجُهٍ ... تغَصُّ بأمْواهِ النَّضارةِ أحْرارِ

مَعاطيرُ لم تُغْمَس يدٌ في لَطِيمةٍ ... لهُنَّ ولا اسْتَعْقَبن جَوْنةَ عطَّارِ

أبحَنْكَ مَمنوعَ الوصالِ نوازلاً ... على حُكْمِ ناهٍ كيف شاء وأمَّارِ

إذا بِتَّ تستسْقي الثغورَ مُدامةً ... أتَتْك فحيَّتْك الخدودُ بأزْهارِ

أموسمَ لذَّاتي وسُوقَ مآربي ... ومَجْنَى لُباناتِي ومَنْهب أوْطارِي

سقْتك برَغْمِ المُزْنِ أخْلافُ مُزْنةٍ ... تلُفُّ إذا جاشتْ سُهولاً بأوْعارِ

وفَجٍ كما شاء المجالُ حشَوْتَه ... بعَزْمةِ هَوَّالٍ على الهَولِ كَرّارِ

تمرَّس بالأسْفار حتى تركْنَه ... لدِقَّته كالقِدْحِ أرْهفَه البَارِي

إلى ماجدٍ يُعْزَى إذا انْتسب الورَى ... إلى مَعْشرٍ بِيضٍ أماجدَ أخْيارِ

ومُضطلِعٍ بالفضْل زَرَّ قميصَه ... على كَنْزِ آثارٍ وعَيْبَةِ أسْرارِ

سَمِيِّ النبيِّ المصطفَى وأمينهِ ... على الدِّين في إيرادِ حُكْمٍ وإصْدارِ

به قام بعد المَيْل وانتصبتْ به ... دعائمُ قد كانت على جُرُفٍ هارِ

فلما أناخَتْ بي على باب دارِه ... مَطايايَ لم أذمُم مغَبَّة أسْفارِي

نزلتُ بمَغْشِيِّ الرُّواقيْن دارُه ... مَثابةُ طُوَّافٍ وكعبةُ زُوَّارِ

فكان نُزولي إذ نزلتُ بمُغْدِقٍ ... على المجد فضلَ البِرِّ عارٍ من العارِ

أساغ على رَغم الحواسدِ مَشرَبِي ... وأعْذَبَ وِرْدَ العيش لِي بعد إمْرارِ

وأنقذني من قبْضةِ الدهرِ بعد ما ... ألَحَّ بأنْيابٍ عليَّ وأظفارِ

جُهِلتُ على معروفِ فَضْلي فلم يكنْ ... سواهُ من الأقوامِ يعرف مِقْدارِي

ولما انتهى إلى هذا البيت في الإنشاد، قال، وأشار إلى جماعة من سادات البحرين: وهؤلاء يعرفون مقدارك إن شاء الله تعالى.

على أنه لم يَبْقَ فيما أظنُّه ... من الأرضِ شِبْرٌ لم تُطبِّقْه أخْبارِي

ولا غَرْوَ فالإكْسِير أكبرُ شُهْرةً ... وما زال من جهلٍ به تحت أسْتارِ

متى بُلَّ لي كفٌّ فلستُ بآسِفٍ ... على درهمٍ إن لم ينَلْه ودينارِ

فيا ابنَ الأُلى أثْنَي الوَصِيّ عليهمُ ... بما ليس تَثْنِي وجهَه يدُ إنْكارِ

بِصفِّين إذ لم يُلْفِ من أوْليائه ... وقد عَضَّ نابٌ للورَى غير فرَّارِ

وأبْصر منهم جِنَّ حَرْبٍ تهافتُوا ... على النارِ إسْراعَ الفَراشِ إلى النارِ

سِراعاً إلى داعِي الحروب يرَوْنَها ... على شُرْبِها الأعمارَ موردَ أعْمارِ

أطارُا غُمودَ البيض واتَّكلُوا على ... مَفارِق قومٍ فارَقُوا الحقِّ كُفَّارِ

وأرْسَوْا وقد لاَثُوا على الرُّكَبِ الحُبَى ... بُروكاً كهَدْيٍ أبْرَكوه لَجزَّارِ

فقال وقد طابتْ هنالك نفسُه ... رِضاً وأقَرُّوا عينَه أيَّ إقْرارِ

فلو كنتُ بَوَّاباً على بابِ جَنَّةٍ ... كما أفحصتْ عنه صَحِيحاتُ آثارِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015