أنا من ينظرُ في شَرْعِ الهوى ... كلَّ شيءٍ ما سوى الحبِّ حَرامَا

وقوله من قصيدة يتغنى بها في السيكاه، ولم يحفظ منها إلا قوله:

أمَا والهوى لولا العِذارُ المُنَمْنَمُ ... لمَا اهْتاجَ وَجْدِي ساجِعٌ يترنَّمُ

ولا اهْتجَعتْ عَيْنايَ من فَيْضِ مَدْمَعِي ... قضَى جَرْيُها أن لا يُفارِقَها الدَّمُ

هو الحبُّ ما أحْلَى مُقاساةَ خَطْبِه ... وأعْذَبَه لو كانتِ العَيْنُ تكْتُمُ

ومن مقطعاته قوله، وهو أيضاً مما يتغنى به في نغمة الحجاز:

لا تطلُعِي في قمرٍ إنَّني ... أخاف أن يغلطَ أهلُ السَّفرِ

أو طلعتْ شمسٌ فلا تطلعِي ... أخاف أن تعمَى عيونُ البَشَرِ

وأبدع ما له قوله في راقص، إذا تراءت محاسنه للعيان، جمدت له في وجوههن العينان، وإن قابلته العيدان في يد الكواعب، تحركت أوتارها بغير ضوارب، وهو قوله:

وراقصٍ كقضِيب الْبانِ قامَتهُ ... تكاد تذْهبُ رُوحِي في تنقُّلِهِ

لا تستقِرُّ له في رقْصِهِ قَدَمٌ ... كأنَّما نارُ قلبي تحت أرْجُلِهِ

ألم فيه بقول السري الرفاء، في وصف جواد:

لا يستقرُّ كأنَّ أرْبَعَهُ ... فُرِشَ الثَّرى من تحتها جَمْرَا

ومما يلطف قول السري، في وصف راقص:

ترى الحركاتِ بلا سُكونٍ ... فتحسَبُها لخِفَّتِها سُكونَا

كسَيْرِ الشمسِ ليس بمُسْتقِرٍ ... وليس بمُمْكِنٍ أن يسْتبينَا

ولعبد علي:

دَعِ الدنيا ولا ترْكَنْ إليها ... فزُخْرُفها سيذْهبُ عن قليلِز

وإن ضحِكتْ بوجْهِك فهْو منها ... كضِحْك السيفِ في وَجْهِ القتيلِ

وله:

فِتْيةُ الكهفِ نَجَا كَلْبُهمْ ... كيف لا ينْجُو غَداً كلبُ عَلِي

علي بن خلف بن عبد المطلب الموسوي الحويزي هو الخلف نعم الخلف، فائقٌ بمعونة الله على السلف.

فمن رأى ما في شعره من الصنعة والإغراب، عرف أن خلفاً استخلفه على اللغة والإعراب.

فلله من معانٍ يصوغها، ومجاني عباراتٍ يسوغها.

ينفق فيها من خاطرٍ واسعٍ وفكرٍ ملي، ويوضح مذاهب البلاغة حتى يحقق أن نهج البلاغة لعلي.

وقد أثبت منها ما يشهد له بالإحسان، ولو أنصفه الدهر لرقم به خدود الحسان.

فمنه قوله: من قصيدة، أولها:

مَكانَك يا وَجْدَ الفؤادِ المُعذَّبِ ... إلى أن يعودَ الحيُّ بالجزِعِ واذْهَبِ

وهيْهات أن يُرجَى زوالُ مُلازمٍ ... من الوجدِ ثاوٍ في الضَّمير مُطنِّبِ

وهَبْهم نأَوْا أو قارَبوا أو تعطَّفوا ... بوَصْلٍ فما قلبي عليهم بقُلُّبِ

وإنَّ غراماً خامَر القلبَ في الصِّبا ... متى ينْتشِق روحَ اللِّقا يتلهَّبِ

وقوله:

في أَمانٍ من الإله ورَحْبِ ... أيها الظَّاعِنونَ عنِّي بلُبِّي

ما كفَى الدهرَ سَعْيُه بنَوى الأحْ ... بابِ انْثنى بتشْتيت صَحْبي

لستُ أنْسَى أيَّامَنا بلِوَى الجِزْ ... عِ وعَيْشي منه بوَصْلٍ وقُرْبِ

حيثُ وادِي تِهامةَ لِي دا ... رٌ ومحَلٌّ وشِعْبُ رَامَةَ شِعْبي

وأخٌ لو بُعدتُ عنه بأصْلِي ... قد دَنَا من حِماه قلبي ولُبِّي

لو دَعانِي من البِعادِ لخَطْبٍ ... كنتُ فيما دعا إليه مُلبِّي

فعزيزٌ عليه يفْقِد شخصِي ... وعزيزٌ أن لا أراه بسِرْبي

صاحبٌ إن شكَوْتُه داءَ خَطْبٍ ... كأن ممَّا أصابه داءُ خَطْبِ

وقوله:

إن سُرَّ وَاشِينا بفُرْقتِنا ... إذْ ساءَه ما كان في القُربِ

ظَنّاً بأن البُعدَ صاحبُه ... ينْجُو من الأشْجانِ والحُبِّ

لا سُرَّ وَاشِينا فإنَّك قد ... حُوِّلْتَ من عيْني إلى قلبي

وقوله، وهو بأصبهان:

طارحُوني صَبابتِي والجوَى ... بمَقالٍ يُشْجِي القلوبَ ويُصْبي

هذه أصْبَهان ما تشْتهي الأنْ ... فُسُ فيها وكلُّ نُزهةِ صَبِّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015