وإذا ما دَعاكض للْغَيِّ دَاعٍ ... كنتَ فيما دَعاك غيْرَ مُلَبِّ

قلتُ قد صح ما تقولون عندي ... يا صِحابي لو كان عنديَ قلْبي

وقوله:

وذِي هَيَفٍ خاطبْتُه فأجابنِي ... بأطْيبَ من ماءِ الحياةِ وأعْذَبِ

يحدِّث حتى لو حكَى الدهرَ كلَّه ... أقولُ له أوْجَزْتَ في القولِ فأطْنِبِ

وقوله:

يا نسيماً هبَّ من وادِي قُبَا ... خَبِّرينِي كيف حالُ الغُرَبَا

كم سألْنا الدهرَ أن يجمعَنا ... مثْلَما كنَّا عليه فأبَى

وقوله:

أحِنُّ إلى ذاك الزمانِ وإنما ... حَنِيني لِمَن زان الزمانَ بقُرْبِهِ

وأهْوَى الحِمَى لا أنَّني عاشقُ الحِمَى ... ولكنَّني مُغْرىً بسُكان شِعْبِهِ

فآهاً لوَجْدِي كيف يبْقَى رَسِيسُه ... وآهاً لصَبْرِي كيف يقْضِي بنَحْبِهِ

وقوله:

إن جئتَ سُكَّان الأرَاكِ ففرِّجِ ... منهم على الظَّبْيِ الأغَنِّ الأدْعَجِ

وإذا أتيْتَ رَبَارِباً برُبَى الحِمَى ... فاقْرَ السلامَ رَبيبَ ذاك الهَوْدَجِ

واسْتفْتِه كيف اسْتحلَّ دِماءَنا ... فقضَتْ لواحِظُه ولم تتحرَّجِ

للهِ وِقْفتُنا وقد صاحُوا النَّوى ... فدَعوْت يا حادِي المَطِيِّ بهم عُجِ

كم شمس خِدْرٍ يوم ذاك تبرَّجتْ ... وهي التي للنَّجْمِ لم تتبرَّجِ

وَدَّ الهلالُ وما رآها أنَّه ... منها مكانُ سِوارِها والدُّمْلُجِ

ومُعذِّل لي بالغرامِ أجبْتُه ... يا عاذِلي أين الخَلِيُّ من الشَّجِي

هلاَّ عُزِلتَ وما دخلتَ بضِيقةٍ ... فالآن قُلْ لي كيف وَجْهُ المَخْرَجِ

قلت: هذه الأبيات الجيمية كأن كل جيمٍ منها عطفة صدغ مزرد، ونقطتها خالٌ في كرسي خدٍ مورد.

وله:

يا مَجْمَعَ الأزهارِ والوَرْدِ ... لا كان هذا آخرَ العهدِ

حَيَّتْ طُلولَك كلُّ غاديةٍ ... وجَب الثناءُ لها على الرَّنْدِ

للهِ ليلتُنا عليك وقد ... مزَج السرورُ الهَزْلَ بالجِدِّ

والزَّهرُ يبسَم كلَّما هَملتْ ... عينُ السحابِ بواكِف العَهْدِ

ونَسِيمُك المُعْتلُّ صَحَّ به ... جسمِي من الآلام والجَهْدِ

أهْلاً به من زائرٍ طَرقتْ ... أنْفاسُه بالعنْبَرِ الوَرْدِ

ما زال يحْكينا ويُسِند ما ... يحْكيه عمَّن حَلّ في نَجْدِ

لا عن قِلىً فارقتُ زهرَكَ يا ... خيرَ الرِّياضِ ولم يكنْ وُدِّي

إن كان حيَّى بالسرورِ فقد ... أبْقَى بقلبي لاعِجَ الوجدِ

فكأن أحمره بأصْفرِه ... دمعي غداةَ نأَيْتَ في خَدِّي

وله:

بشَّرْتَ بالخير يا بَشيرِي ... جئتَ على الوَفْقِ من ضميرِي

لو أحدٌ طار من سُرورٍ ... لطِرْتُ من شدَّةِ السرورِ

قد قلتُ بدرُ الكمال وافَى ... بعد اخْتفاءٍ عن الظهورِ

أجَلْ هو البدرُ في عُلاهُ ... فذاك مِن عادةِ البُدورِ

فإن تخفَّى فلا لنقْصٍ ... وإن بدا ليس بالنَّكيرِ

فهْو على الحالتيْن يبْغِي ... بِفعْلِه طاعةَ القديرِ

سَمحْتَ يا دهرُ بالأمانِي ... أحْسَنْتَ يا أحسنَ الدهورِ

وزاره الحشري الشامي فلم يجده ثم زاره هو فلم يجده أيضاً، فأنشد على الفور:

ما احْتيالِي على مُعاكسةِ الدهْ ... رِ وما زال دهرُ مثْلِي غَرُورا

زُرْتَني يا أخِي وزرتُ فما سَا ... مَح أن ألْقاك زائراً ومَزُورَا

فعسَى تعْذُر المحِبَّ كما كنْ ... تَ لديْه بمثلِها مَعْذُورَا

ومن مقاطيعه قوله:

سحقْنَا عقودَ الدُّرِّ عند عِناقِنا ... وكادتْ عُقودُ الدرِّ أن تَصْدَع الصَّدْرَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015