بيَراعٍ منه تُراعُ المَنايا ... ويُراعَى فيه ربيعُ الأمانِ
ما اسمُ شيءٍ طَلْقِ المُحيَّا نضيرٍ ... بشَذاه يُرِيحُ لُبَّ الجَنانِ
رُبعه خمسُ ربعه وتراه ... إسمَ شخصٍ وقطعةً من زمانِ
شَطْرُه مالكٌ ومقلوبُ باقِي ... هِ يُصيب الإنسانَ في الأحْيانِ
واقلبِ الاسمَ بعد طَرْحِك للصد ... رِ تراه عيْباً بدا للعَيانِ
وإذا ما قلبْتَ حاشيتيْه ... فعبيرٌ ينِمُّ عن رَيْحانِ
وإذا ما حذفتَ ثانيَ هذا ... فهْو رَكْبٌ يسيرُ في القِيعانِ
وانْتشِقْ من تصْحيِفه نَشْرَ شيءٍ ... هو طِيبُ الأرْواحِ والأبدانِ
نصفُه إن ردَدْتَه فهْو شخصٌ ... طائعٌ والديْه في كلِّ آنِ
وفَلاةٌ عريضةٌ وتعالى الل ... هـ ربِّي مُدبِّرُ الإنسانِ
وإذا ماحذفتَ ذا فهْو قوتٌ ... وغذاءٌ للجائعِ اللَّهْفانِ
وإذا ما صحَّفْتَه فوِعاءٌ ... لِغذاء الرضيعِ يا ذا البَيانِ
هاك مولايَ من عُبَيْدك لُغْزاً ... وابْقَ تسْمُو قدراً على كِيوانِ
ما سرَتْ نَسْمةُ الرياضِ صَباحاً ... في رُباها بلَيِلَة الأرْدانِ
وتغنَّتْ بسَجْعِ حَمْدك وُرْقٌ ... بفَصِيحِ التِّبْيانِ والألْحانِ
وهذا جوابه:
وردةٌ ذي أم مَبْسَمُ الأُقْحُوانِ ... جاد وَسْمِيّ عارضٍ هَتَّانِ
أم ثغورُ المِلاح ألْعَسُ أحْوَى ... أم خدودُ المِلاح حُمْرُ قَوانِي
أم جُمانٌ مُنضَّدٌ لوشاحِ الْ ... غِيدِ يُزْهِي مَعاقِدَ التِّيجانِ
أم سُلافُ الرُّضابِ عذْباً بَرُوداً ... بِتُّ منها كالْوالِهِ النَّشْوانِ
أم كؤوسٌ أدارها أهْيفُ القَدِّ ... هَضِيمُ الحشا خضيبُ البَنانِ
زهرةٌ زانَها السحابُ سُحَيْراً ... بدموعٍ غزيرةِ الهمَلانِ
تلك روضةٌ غَنَّاءُ فيها من الوُرْ ... قِ بكلِّ الأرْجاءِ سَجْعُ قِيانِ
نَفْثةُ السِّحْر أم رُقىً لِمُعنّىً ... فاترِ القلبِ ساهرِ الأجفانِ
كنتُ خِلْواً من الغرام فهزَّتْ ... نِي صَباباتُ هذه الألحانِ
حيث جاءتْ ألَذَّ من غَفَواتِ الْ ... فجرِ طِيباً لِجَفْنيَ السهرانِ
يا كريماً بعثتَ سِلْكَ عقودٍ ... فاضِحاتٍ قلائدَ العِقْيانِ
مُلْغِزٌ في اسمِ ما به الرَّبعُ زَاهٍ ... وهْو للدهرِ موسمُ العُنْفُوانِ
جئتَ للهِ يا ربيعَ المعالي ... بِمُوشّىً مُحيِّرِ الأذْهانِ
يا سَمِيّاً لمن به صِرْنَ بَرْداً ... وسَلاماً لَواعِجُ النِّيرانِ
فُقْتَ كلَّ الورى وصار مُقِرّاً ... لك بالفضل كلُّ قاصٍ ودَانِ
ما تعنَّتْ حمائمٌ ساجعاتٌ ... بهديلٍ أعالِيَ العِيدانِ
أجبت أطال الله بقاك، وأقول كما قال شيخ المعرة، حيث أنشد:
واقْتنِعْ بالرَّوِيِّ والوزنِ منِّي ... فهُمومي ثقيلةُ الأوزانِ
ومن بدائعه قوله:
ترى السَّرْوَ إذْ وافَى السحابُ بثَلْجِه ... وقلبي المُعنَّى بالهوى جِدُّ مَسْجُورِ
يشمِّر أذْيالاً كبِلْقِيس حيثما ... تبدَّتْ لها بُسْطُ الرُّبَى كالقواريرِ
قلت لو كان للسرو رجل أخرى إلى رجله، لكان تشميره الذيل حتى يسارع بتقبيل الأرض لأجله.
ومنه قول ابن زهر الحفيد، في زهر الكتان:
أهلاً بزَهر الَّلازَوَرْدِ ومرحبَا ... في روضةِ الكَتَّان تعطِفه الصَّبَا
لو كنتُ ذا جهلٍ لخِلْتُك لُجَّةً ... وكشفتُ عن ساقٍ كما فعلتْ سَبَا
وأنشدني من لفظه لنفسه:
تَوَقَّ الشُّحَّ عن نَشْر الأيادِي ... وأيْدِي الجود فابْسُطْها سَماحَا