رفيقاً بالرعية، وكان في أمانته حائداً عن الجادة السوية، قائلاً كما قال قبله ابن اللتبية (?) ، فليعوّض منه غيره، وليرفع عن الجانبين ضيره، فإنّه ما كانت الخيانة قط في شيء إلا أهلكته، ولا وضعت في إنسان طبيعة سوء إلا ملكته.

وإنّما هو مال الله تعالى الذي يرزق منه الحماة، وبه تسد الثغور المهمات، فينبغي أن يختار له محتاط في اقتضائه وقبضه، حافظ لدينه ومروءته في كلّه وبعضه، فخذوا في انتقاء هذه الأصناف المسمين، واطلبوا بهذه الأوصاف المصرفين والمولين، واجمعوا من الاجتهاد الحميد والقصد والاعتماد الأثر والعين، وأنصفوا منهم إن تظلّم من أحدهم متظلم، واشفوا شكوى كل متشك وألم كل متألم، واعلموا أن حرمة الأموال بحرمة الدماء لاحقة، وأن إحدى القضيتين للأخرى مساوية ولاحقة، ومن أكبر ما ورد في ذلك وأعظمه، قول رسول الله صلى الله عليه وسلّم: " حرمة مال المسلم كحرمة دمه ".

وليكن الناس في الحق سواء لا محاباة ولا مفاضلة، ولا مجاوزة في تغليب قوي على ضعيف ولا محاولة، إن هذه أمتكم أمّة واحدة، وإن دلائل الشرع بمراد الله سبحانه وتعالى لشاهدة، ولا يؤخذن أحد بجريرة أحد، ولا يجني ولد على والد ولا والد على ولد، فكتاب الله تعالى أولى بالاتباع وأحرى، لقول الله عزّ وجلّ " ولا تزر وازرة وزر أخرى " (الأنعام: 164) (?) اللهم إلاّ من آوى محدثاً فإنه مأخوذ بما أجرم، ومعلون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلّم.

فارفعوا - أعاننا الله تعالى وإياكم - للعدل بكل علم مناراً، واتخذوا الرفق بالإمامة شعاراً، فقد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم " إن الرفق لا يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015