في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلاّ شانه " وقد نصّ الكتاب والسنّة على مواضع اللين والاشتداد، ونبها على منازع المقاربة والسّداد، فلا غضب لأمر إلاّ بما غضب له الله عز وجل، ولا رضىً به إلا إذا استقر فيه رضى الله تعالى وحل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم " الذي يجلد فوق ما أمر الله تعالى به يقول له الله عزّ وجل: عبدي، لم جلدت فوق ما أمرتك به فيقول: رب غضبت لغضبك، فيقول: أكان ينبغي لغضبك أن يكون أشد من غضبي ثم يؤتى بالمقصر فيقول: عبدي، لم قصرت عمّا أمرتك به فيقول: ربّ رحمتهن فيقول: أكان ينبغي لرحمتك أن تكون أوسع من رحمتي " قال: فيأمر فيهما بشيء قد ذكره لم يحفظه الراوي، إلا أنّه قال: صيروهما إلى النّار، أعاذنا الله تعالى منها بفضله ورحمته! فليوقف بالقضايا حيث وقف بها الشرع، ويحفظ الأصل من هذه الوصايا والفرع، واحتاطوا في الرعية فإنّه رأس المال، والأمانة التي لا ينبغي أن يكون فيها شيء من الإهمال، ومع توفيقكم لما سطرناه، في هذا الكتاب وشرحناه، من أبواب الخير المسعد في المآب والمآل، فاستوفوا ضروب الصالحات واستقصوها، واعملوا أعمال البر وخصوها، واذكروا آلاء الله وقصوها، " وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها " إبراهيم: 34 واشتدوا في تغيير المنكرات كلّها، واحسموا أدواءها من أصلها، ورغّبوا الناس في الطاعات واندبوهم إليها، ووضحوا لهم أعمالهم وحرّضوهم عليها، وانتهوا في كل سعي ناجح، ورأي راجح، إلى أفضل ما ينتهي إليه المنتصحون، " ولتكن منكم أمّة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون " آل عمران: 104.

وخذوا بعمارة مساجد الله التي هي بيوت الأتقياء، ومحلّ مناجاة ذي العظمة والكبرياء، إنّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة ولم يخش إلا الله فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين.

ومروهم بأن يعلّموا أولادهم كتاب الله تعالى فإن تعليمه للصغار يطفىء غضب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015