لأخيه، وقد قال مالك الأمر والخلق " ولا تقتلوا النّفس التي حرّم الله إلا بالحقّ " الأنعام: 151 فتثبتوا فيها فأمرها جليل، وتحريمها لا يدخله تحليل، وإياكم أن تجعلوا فيها لأحد من ولاة الجهاد حكماً أو نظراً، أو تكلوا إليهم منها مستكثراً أو مستنزراً، فإنّه إذا استبدّ بالقضاء فيها كل وال ذهبت هدراً، واستباحها الجاهل والجائر أشراً وبطراً، وربما كان فيهم من في طباعه سبعية فيقتل بها الناس قتلاً ذريعاً، ويتسهّل بذلك من جوره صعباً ويرتكب بجهله شنيعاً، ويذهل عن قول الله تعالى " من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل النّاس جميعاً، ومن أحياها فكأنّما أحيا النّاس جميعاً " (المائدة: 32) فأنّى تحل المسامحة في هذا الشان، أو يحكم به كل إنسان في نفوس أهل الإيمان معاذ الله أن يكون هذا ونحن نعرفه، أو ينصرف إليه نظرنا فلا نزيله ولا نصرفه، فسدّوا هذا الباب سدّاً، وصدوا عنه من أمّه صدّاً، وكفوا كل ما كان من الأيدي للدماء ممتدّاً، ومن وجب عليه القتل شرعاً (?) وتعين، واتضح موجب القصاص فيه وتبين، فليس لكم إلا القاعدة الكبرى، تتحرّى فيها الأحكام عليه بمحضر القاضي والشهود كما يجب أن يتحرّى، بعد أن يتثبت في نازلته لديكم ويستجلى ويستبرا، فلا تحل القضية إلا على بصيرة، وحقيقة مستنيرة، فقد يلوح في اليوم ما خفي بالأمس، ويتعذر بعد الإقادة إعادة النفس.
وملاك الأمر في انتقاء من يتصرف، وتولية من لا يضيم ولا يتحيف، فتخيروا للأنظار والجهات، من ترتضى سيرته من الولاة، ولا تستعملوا أهل الفظاظة والجهالة، والمصرين على الراحة والبطالة، فإنذهم إذا استرعوا أضاعوا، وإذا دعاهم شيطان الهوى أطاعوا، وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا، وميلوا باختياركم إلى المتّسمين بالصلاح، المرتسمين في ديوان الكفاة النصاح،