ويقبل الحق فيأته " ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثمّ يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً " النساء: 110 لما رأينا من وجوب اتفاق الأهواء والضمائر، وخلوص القلوب والسرائر، في هذا الوطن الذي أحاط به العدو والبحر، ومسّه بتقدم الفتنة الضر، وصلة لما أجراه الله تعالى على أيدينا، وهيأه بنا في نادينا، فلم يخف ما سكن بنا من نار الفتنة، ورفع من بأس وإحنة، وكشف من ظلمة، وسدل من نعمة، وأصفى من مورد عافية، وأولى من عصمة كافية، بعدما تخربت الثغور، وفسدت الأمور، واهتضم الدين، واشتد على العباد كلب الكافرين المعتدين " ذلك من فضل الله علينا وعلى النّاس " يوسف: 38 فله الحمد دائباً، والشكر واجباً، ومن الله نسأل أن يتمم نعمته علينا كما أتمها على أبوينا من قبل إن ربّك حكيم عليم.
ونحن قد شرعنا في تعيين من ينوب عنّا من أهل العلم والعدالة، والدين والجلالة، للتطوّف في البلاد الأندلسية، ومباشرة الأمور بالبلاد النّصرية، ينهون إلينا ما يستطلعونه، ويبلغون من المصالح ما يتعرفونه، ويقيدون ما تحتاج إليه الثغور، وتستوجبه المصلحة الجهادية من الأمور، ونحن نستعين بفضلاء رعيتنا وخيارهم، والمراقبين الله تعالى منهم في إيرادهم وإصدارهم، على إنهاء ما يخفى عنّا من ظلامة تقع، أو حادث يبتدع، ومن اتخذت بجواره خمر فاشية، أو نشأت في جهته للمنكر ناشية، فنحن نقلده العهد، وتطوّقه القلادة، ووراء تنبيهنا على ما خفي من الشكر لمن أهداه، وإحماد سعي من أبلغه وأداه، ما نرجو ثواب الله تعالى عليه، والتقرب به إليه، فمن أهدى لنا شيئاً من ذلك فهو شريك في أجره، ومقاسم في مثوبته يوم ربح تجره، وحسبنا الله ونعم الوكيل انتهى.
[وصية لسان الدين لأبنائه]
وإذ أجرينا طرف القلم ملء عنانه فيما للسان الدين رحمه الله تعالى من