النصائح والمواعظ والوصايا، وما يرجع بالنفع على الخاصة وجمهور الرعايا، كلّ دون شأوه، وقصر عن أمده مديد خطوه، وقد تقدم في هذا الكتاب من ذلك جملة وافرة، فلتراجع في محالها المتكاثرة، وقد آن أن نسرد في هذا المحل الوصية التي أوصى لسان الدين رحمه الله تعالى بها أولاده، وهي وصية جامعة نافعة، يحصل بها انتعاش، لاشتمالها على ما لا بد منه في المعاد والمعاش، ونصّها (?) :
الحمد لله الذي لا يروعه الحمام المرقوب، إذا شيم نجمه المثقوب، ولا يبغته الأجل المكتوب، ولا يفجؤه الفراق المعتوب، ملهم الهدى الذي تطمئن به القلوب، وموضح السبيل المطلوب، وجاعل النصيحة الصريحة في قسم الوجوب، لا سيما للولي المحبوب، والولد المنسوب، القائل في الكتاب المعجز الأسلوب " أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب " البقرة: 133 " ووصّى بها إبراهيم بنيه ويعقوب " البقرة: 132 والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد رسوله أكرم من زرّت على نوره جيوب الغيوب، وأشرف من خلعت عليه حلل المهابة والعصمة فلا تقتحمه العيون ولا تصمه العيوب، والرضى عن آله وأصحابه المثابرين على سبيل الاستقامة بالهوى المغلوب، والأمل المسلوب، والاقتداء الموصل للمرغوب، والعز والأمن من اللغوب.
وبعد، فإنّي لما علاني المشيب بقمته، وقادني الكبر في رمّته (?) ، وادكرت الشباب بعد أمته (?) ، أسفت لما أضعت، وندمت بعد الفطام على ما رضعت، وتأكّد وجوب نصحي لمن لزمني رعيه، وتعلّق بعيني (?) سعيه، وأمّلت أن