تكفل بالرزق المقدر للورى ... إذا الله أعطى فهو في الناس قاسمه
يسدده سهماً وينضوه صارماً ... ويشرعه رمحاً فكل يلائمه
إذا سال من شقيه سائل حبره ... بما شاء منه سائل فهو عالمه
ليبك عليه اليوم من كان باكياً ... فتلك مغانيه خلت ومعالمه
تقلد منه الملك عضب بلاغة ... يقد السلوقي المضاعف صارمه
وقلده مثنى الوزارة فاكتفى ... بها ألمعي حازم الرأي عازمه
ففي يده وهو الزعيم بحقها ... براعته والمشرفي وخاتمه
سخي على العافين سهل قياده ... أبي على العادين صعب شكائمه
إذا ضلت الآراء في ليل حادث ... رآها برأي يصدع الخطب ناجمه
وقام بأمر الدين والملك حامياً ... فذل معاديه وضل مراغمه
وقد كان نيط العلم والحلم والتقى ... به وهو ما نيطت عليه تمائمه
ودوخ أعناق الليالي بهمة ... يبيت ونجم الأفق فيها يزاحمه
وزاد على بعد المنال تواضعاً ... أبى الله إلا أن تم مكارمه
سقيت الغوادي؛ أي علم وحكمة ... ودين متين ذلك القبر كاتمه
وما زال يستسقى بدعوتك الحيا ... وها هو يستسقى لقبرك ساجمه
بكت فقدك الكتاب إذ كان شملهم ... يؤلفه من دوح فضلك ناعمه
وطوقتهم بالبر ثم سقيتهم ... نداك فكنت الروض ناحت حمائمه
ويبكيك مني ذاهب الصبر موجع ... توقد في جنبيه للحزن جاحمه
فتىً نال منه الدهر إلا وفاءه ... فما وهنت في حفظ عهد عزائمه
عليل الذي زرت عليه جيوبه ... قريح الذي شدت عليه حزائمه
فقد كنت ألقى الخطب منه بجنة ... تعارض دوني بأسه وتصادمه
سأصبر مضطراً وإن عظم الأسى ... أحارب حزني مرة وأسالمه
وأهديك إذ عز اللقاء تحية ... وطيب ثناء كالعبير نواسمه