ألم تر أن المجد أقوت معالمه ... فأطنابه قد قوضت ودعائمه
هوى من سماء المعلوات هلالها ... وخانت جواد المكرمات قوائمه
وثلت من الفخر المشيد عروشه ... وفلت من العز المنيع صوارمه
وعطل من حلي البلاغة قسها ... وعري من جود الأنامل حاتمه
أجل إنه الخطب الذي جل وقعه ... وثلم غرب الدين والعلم هاجمه
وإلا فما للنوم طار مطاره ... وما للزيم الحزن قصت قوادمه
وما لصباح الأنس أظلم نوره ... وما لمحيا الدهر قطب باسمه
وما لدموع العين فضت كأنها ... فواقع زهر والجفون كمائمه
قضى الله في قطب الرياسة أن قضى ... فشتت ذاك الشمل من هو ناظمه
ومن قارع الأيام سبعين حجة ... ستنبو غراره ويندق قائمه
وفي مثلها أعيا النطاسي طبه ... وضل طريق الحزم في الرأي حازمه
تساوى جواد في رداه وباخل ... فلا الجود واقيه، ولا البخل عاصمه
وما نفعت رب الجياد كرامه ... ولا منعت منه الغني كرائمه
وكل تلاق فالفراق أمامه ... وكل طلوع فالغروب ملازمه
وكيف مجال العقل في غير منفذ ... إذا كان باني مصنع هو هادمه
ليبك علياً مستجير بعدله ... يصاخ لشكواه ويمنع لظالمه
ليبك علياً مائح بحر علمه ... يروى بأنواع المعارف هائمه
ليبك علياً مظهر فضل نصحه ... يحلأ عن ورد المآثم حائمه
ليبك علياً معتف جود كفه ... يواسيه في أمواله ويقاسمه
ليبك علياً ليله وهو قائم ... يكابده أو يومه وهو صائمه
ليبك علياً فضل كل بلاغة ... يخلده في صفحة الطرس راقمه
وشخص ضئيل الجسم يرهب نفثه ... ليوث الشرى في خيسها وضراغمه (?)