القطان، وكان من أكابر المحدثين، وجلة الحفاظ (?) المسندين للحديث والآداب بلا مدافعة، يسرد الأسانيد والمتون ظاهراً فلا يخل بحفظ شيء منها، متوسط الطبقة في حفظ فروع الفقه ومعرفة المسائل، إذ لم يعن بذلك عنايته بغيره، فكان أهل شاطبة يفاخرون بأبوي عمر ابن عبد البر وابن عات، وكان على سنن السلف الصالح في الانقباض، ونزارة الكلام، ومتانة الدين، وأكل الحشف، ولزوم التقشف، والتقلل من الدنيا، والزهد فيها، والمثابرة على كثير من أفعال البر كالأذان والإمامة وبذل المعروف والتوسع بالصدقات على الضعفاء والمساكين.

وحكي أنه حضر في جماعة من طلبة العلم لسماع السّير على بعض شيوخهم، فغاب الكتاب أو القارئ بكتابه، فقال أبو عمر: أنا أقرأ لكم، فقرأ لهم من حفظه، وقال أبو عمر عامر بن نذير: لازمته مدة ستة أشهر، فلم أر أحفظ منه، وحضرت إسماع الموطإ وصحيح البخاري منه، فكان يقرأ من كل واحد من الكتابين نحو عشر أوراق عرضاً بلفظه كل يوم عقب صلاة الصبح، لا يتوقف في شيء من ذلك، انتهى.

وقال بعض المؤرخين (?) : إنه كان آخر (?) الحفاظ للحديث، يسرد المتون والأسانيد ظاهراً لا يخل بحفظ شيء منها، موصوفاً بالدراية والرواية، غالباً عليه الورع والزهد، على منهاج السلف، يلبس الخشن، ويأكل الحشف (?) ، وربما أذن في المساجد، وله تآليف دالة على سعة حفظه، مع حظ من النظم والنثر، وشهد وقيعة العقاب التي أفضت إلى خراب الأندلس بالدائرة على المسلمين فيها، وكانت السبب الأقوى في تحيّف الروم بلادها حتى استولت عليها، ففقد حينئذٍ ولم يوجد حيّاً ولا ميتاً، وذلك يوم الاثنين منتصف صفر سنة تسع وستمائة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015