المؤمنين عبد المؤمن بن علي، ثم عن ابنه السيد أبي زيد، ثم كتب عن الأمير ابن مردنيش، ولما نازل الطاغية بلنسية بعثه الأمير زيان بن مردنيش مع وفد أهل بلنسية بالبيعة للسلطان أبي زكريا يحيى بن عبد الواحد بن أبي حفص وفي ضمن ذلك استصرخه لدفع عادية العدو، فأنشد السلطان قصيدته السينية التي مطلعها:
أدرك بخيلك خيل الله أندلسا إنّ السبيل إلى منجاتها درسا
وقد ذكرناها في غير هذا الموضع، ثم لما كان من أمر بلنسية ما كان رجع بأهله إلى تونس غبطة بإقبال السلطان عليه، فنزل منه بخير مكان، ورشّحه لكتب علامته في صدور مكاتباته، فكتبها مدة، ثم أراد السلطان صرفها لأبي العباس الغساني لكونه يحسن كتابتها، فكتبها مدة بالخط المشرقي، وكان آثر عند السلطان من المغربي، فسخط ابن الأبار أنفةً من إيثار غيره عليه، وافتأت على السلطان في وضعها في كتاب أمر بإنشائه، لقصور الترسيل يومئذ في الحضرة عليه، وأن يبقى موضع العلامة منه لكاتبها، فجاهر بالرد، ووضعا استبداداً وأنفة، وعوتب على ذلك، فاستشاط غضباً، ورمى بالقلم، وأنشد متمثلاً:
اطلب العزّ في لظىً وذر الذ لّ ولو كان في جنان الخلود
فنمي ذلك إلى السلطان، فأمر بلزومه بيته، ثم استعتب السلطان بتأليفٍ رفعه إليه عد فيه من عوتب من الكتّاب، وأعتبه، وسماه إعتاب الكتّاب، واستشفع فيه بابنه المستنصر، فغفر السلطان له، وأقال عثرته، وأعاده إلى الكتابة، ولما توفي السلطان رفعه أمير المؤمنين المستنصر إلى حضور مجلسه، ثم حصلت له أمور معه كان آخرها أنه تقبض عليه، وبعث إلى داره، فرفعت إليه كتبه أجمع، وألفى أثناءها، فيما زعموا، رقعةً بأبيات أولها: