وأنشدني من لفظه لنفسه رحمه الله تعالى قصيدته السينية التي أولها:

أهاجك ربعٌ حائل الرسم دارسه كوحي كتابٍ أضعف الخطّ دارسه

انتهى نص الصفدي. وما ذكره رحمه الله تعالى في موضع ولادة أبي حيان غير مخالف لما ذكره في الوافي أنه ولد بغرناطة، إلاّ أن قوله بمدينة مطخشارش فيه نظر، لأنه يقتضي أنها مدينة، وليس كذلك، وإنما هي موضع بغرناطة، ولذا قال الرعيني: إن مولد أبي حيان بمطخشارش من غرناطة، ونحوه لابن جماعة، انتهى، وهو صريح في المراد، وصاحب البيت أدرى على أنه يمكن أن يرد كلام الصفدي لذاك، والله تعالى أعلم.

وذكر في الوافي أنه تولى تدريس التفسير بالقبة المنصورية، والإقراء بالجامع الأقمر، قال الصفدي: وقال لي: لم أر بعد ابن دقيق العيد أفصح من قراءتك، وكان ذلك حين قرأت عليه المقامات الحريرية بمصر جماعة، انتهى.

وما وقع في كلام كثير من أهل المغرب أن أبا حيان توفي سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة غير ظاهر، لأن أهل المشرق أعرف بذلك، إذ توفي عندهم، وقد تقدم أنه توفي سنة خمس وأربعين وسبعمائة، فعلى كلام أهل المشرق في هذا المعوّل، والله أعلم.

وكانت نضار بنت أبي حيان حجت، وسمعت بقراءة العلم البرزالي على بعض الشيوخ، وحدثت بشء من مروياتها، وحضرت على الدمياطي، وسمعت على جماعة، وهي بضم النون وتخفيف الضاد، وأجازها من المغرب أبو جعفر ابن الزبير، وحفظت مقدمة في النحو، ولمّا توفيت عمل والدها فيها كتاباً سمّاه النّضار في المسلاة عن نضار، وكان والدها يثني عليها كثيراً، وكانت تكتب وتقرأ، قال الصفدي: قال لي والدها: إنها خرّجت جزءاً لنفسها وإنها تعرب جيداً، وأظنه قال لي: إنها تنظم الشعر، وكان يقول دائماً: ليت أخاها حيان كان مثلها، وتوفيت رحمها الله تعالى في جمادى الآخرة سنة 730

طور بواسطة نورين ميديا © 2015