أهل العصر، بالشام ومصر، وغيرهما من الأقطار، لا زال مقامه مقضيّ الأوطار، لاستوعبت الأسفار، وفي الإشارات ما يغني عن الكلم، وقد تقدم في خطبة هذا التصنيف، ذكر شيء من نظمه ونثره وأنّه هو السبب الداعي إلى جمع هذا التأليف، والله سبحانه يديم جنابه السريّ الشريف، ويبوّئه من العزّ الظلّ الوريف، فلقد أولى من الحقوق ما لا نؤدّي بعضه فضلاً عن كلّه، وناهيك بما جلبناه من كلامه دليلاً على شرفه وفضله.

ورسالته هذه إلي كانت جواباً عن مكتوب كتبته إليه من جملته:

يا من له طائر صيتٍ علا ... في الجوّ فاصطاد الشريد الشديد

يا نجل شاهين البديع الحلى ... تملّ بالعزّ الطويل المديد

وفز بخصل السّبق بين الملا ... وسر بنهجٍ للمعالي سديد

ورد مع الأحباب عذباً حلا ... منتظماً من الأماني البديد

وارفل على طول المدى في ملا ... مسرّةٍ راقت وعزٍّ جديد

والوالد المحروس بالله، لا ... بعدّة الخلق ولا العديد ومن نثرها: " سيدي الذي في الأجياد من عوارفه أطواق، وفي البلاد من معارفه ما تشهد به الفطرة السليمة والأذواق، وتشتدّ إلى مجده المطنب الذي لا يحطّ له رواقٌ الأشواق، وتعمر بفائده وفرائده من الآداب الأسواق، وتنقطع دون نداه السحب السواكب، وتقصر عن مداه في السّمو الكواكب، والله سبحانه له واق، المولى الذي ألقت إليه البلاغة أفلاذها، واتخذت البراعة طاعته عصمتها وملاذها، إذ بذّ أفرادها وأفذاذها، وأمطرت سماء أفكاره، على كل محبّ أو كاره، طائر في جو أو مستقر في أوكاره، صيّبها ورذاذها، وفاخرت دمشق بعلاه وحلاه أقطار البسيطة وبغذاذها ".

ومنها: " أبقاه الله تعالى وحقيقة وعوده ينمقها النجاز، وحقيقة سعوده لا يطرقها المجاز ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015