ثم حكى عن شيخه أبي زيد القرطبي ما حكاه السنوسي عنه في أواخر شرح صغراه، وقد أنكر غير واحد من الحفاظ كابن حجر وغيره كون ما ذكر حديثاً، ولعل هؤلاء أخذوه من جهة الكشف ونحوه، والله تعالى أعلم.
وقال رحمه الله تعالى: دخلت على الشيخ أبي محمد عبد الله المغاور، فقال لي: أعلمك شيئاً تستعين به، إذا احتجت لشيء فقل: يا واحد يا أحد يا واجد يا جوّاد، انفحنا منك بنفحة خير، إنّك على كل شيء قدير، قال: فأنا أنفق منها منذ سمعتها. قال رحمه الله تعالى: ما من حال ذكر في رسالة القشيري إلاّ وقد شاهدته نفسي. وتزوج رحمه الله تعالى بنساء حدثن عنه بكرامات، ومنهنّ أم القطب القسطلاني، وحكت أنها خرجت عنه يوماً لحاجتها، ثم عادت فسمعت عنده في طبقته حسّ رجل، فتوقفت وافتقدت الباب فوجدته مغلقاً، فلمّا انقطع الكلام دخلت إليه، فإذا هو وحده كما تركته، فسألته عن ذلك، فقال: هو الخضر دخل علي وفي يده حية فقال: هذه جئتك بها من أرض نجد، وفيها شفاء مرضك، فقلت: لا أريد، اذهب أنت وحيتك لا حاجة لي بها. ودخل عليه بعض نسائه يوماً، فوجدته بصيراً نقي الجسم من الجذام، فلمّا نظرته قال لها: أتريدين أن أبقى لك هكذا فقال له: يا سيّدي كن كيف شئت، إنّما مقصودي خدمتك وبركتك. وقيل له، وقد تكاثرت منه رؤية الأشياء وإخباره بها، مع كونه ضريراً، عن ذلك، فقال: كلّي عين، بأي عضو أردت أن أنظر به نظرت. وقال: هممت أن أدعو برفع الغلاء، فقيل لي: لا تدع فما نسمع لأحد منكم في هذا الأمر دعاء، فسافرت إلى الشام، فلمّا وصلت إلى بلد الخليل، عليه السلام، تلقاني رسول [الله] الخليل حين ورودي عليه، فقلت له: يا رسول الله اجعل ضيافتي عندك أهل مصر، فدعا لهم ففرّج الله عنهم. ومناقبه رحمه الله تعالى وكراماته لا يفي بها هذا المختصر، وإنّما قصدنا بذكرها البركة وكفّارة ما وقع في هذا الكتاب من الإحماض، والله المرجو في العفو.