بمعانيه وعلله كان أغلب عليه، وكان مليح الخط، جيد الضبط، من أهل الرواية والدراية والمشاركة في العلوم، وكان أديباً شاعراً مجيداً لغويّاً ديّناً فاضلاً، كثير التصانيف والكلام على علم الحديث، حلو الكلام في تآليفه، وله عناية بأصول الديانات وإظهار الكرامات، توفّي بطلبيرة يوم الجمعة منتصف شعبان سنة 455، رحمه الله تعالى.
23 - ومنهم الشيخ الإمام الشهير الكبير الولي العارف بالله تعالى سيدي أبو عبد الله القرشي الهاشمي الأندلسي (?) ، شيخ السالكين، وإمام العارفين، وقدوة المحققين، قدم مصر بعدما صحب ببلاد المغرب جماعة من أعلام الزهاد، وكان يقول: صحبت ستمائة شيخ اقتديت منهم بأربعة: الشيخ أبي الربيع، والشيخ أبي الحسن ابن طريف، والشيخ أبي زيد القرطبي، والشيخ أبي العباس الجوزي، وسلك على يده جماعة: منهم أبو العباس القسطلاني، فإنّه أخذ عنه كلامه وجمعه في جزء. وخرج سيدي أبو عبد الله القرشي من مصر إلى بيت المقدس فأقام به إلى حين وفاته عشية الخميس السادس من ذي الحجّة سنة 599 عن خمس وخمسين سنة، ودفن هنالك، وقبره ظاهر يقصد للزيارة زرته أول قدماتي على بيت المقدس سنة 1028، ومن كلامه: من لم يدخل في الأمور بالأدب لم يدرك مطلوبه منها، وقوله: العاقل يأخذ ما صفا ويدع التكلف، فإنّه تعالى يقول: " وإن يردك بخيرٍ فلا رادّ لفضله ". وقال: من لم يراع حقوق الإخوان بترك حقوقه حرم بركة الصحبة، وقال سمعت الشيخ أبا إسحاق إبراهيم بن طريف يقول: لما حضرت الشيخ أبا الحسن ابن غالب الوفاة قال لأصحابه: اجتمعوا وهللوا سبعين ألف مرّة، واجعلوا ثوابها لي، فإنّه بلغني أنها فداء كلّ مؤمن من النار، قال: فعملناها واجتمعنا عليها وجعلنا ثوابها له.