لابتداء الغاية؛ قولك: سرت من الدار إلى السوق.
وللتبعيض؛ كقولك: باب من حديد.
وللتبيين؛ كقوله تعالى: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) [الحج:80]
وقد تجيء صلة في الكلام؛ كقولك: ماجاءني من رجل.
والحق عندي: أنها للتمييز؛ فقولك: (سرت من الدار إلى السوق) ميزت مبدأ السير عن غيره، وقولك: (باب من حديد) ميزت الشيء الذي يكون منه الباب عن غيره، وقوله عز وجل: (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) [الحج:30] ميزت الرجس الذي يجب اجتنابه عن غيره، وكذلك قولك: (ماجاءني من أحد) ميزت الذي نفيت عنه المجيء.
وأما (إلى) فهي لانتهاء الغاية، وقيل: إنها مجمبة؛ لأنها في قوله تعالى: (وأيديكم إلى المرافق) [المائدة:6] تستدخل الغاية، وفي قوله تعالى: (ثم أتمو الصيام إلى الليل) [البقرة:187] تقتضي خروجها.
وهذا ضعيف؛ لأن هذه اللفظة إنما تكون مجملة، لو كانت موضوعة لدخول الغاية، وعدم دخولها على سبيل الاشتراك؛ لكنا بينا أن اللفظ لا يجوز أن يكون مشتركا بالنسبة إلى وجود الشيء وعدمه.
بل الحق أن الغاية، إن كانت متميزة عن ذي الغاية بمفصل حسي؛ كما في الليل والنهار، وجب خروجها، وإن لم تكن متميزة عنها بمفصل حسي كما في اليد والمرفق، وجب دخولها؛ لأنه ليس بعض المقادير أولى من بعض، فليس تقدير القدر الذي يجوز إخراجه من المرفق عن وجوب الغسل بقدر معين- أولى من تقديره بما هو أزيد أو أنقص.