المسألة الخامسة: (الباء): إذا دخلت على فعل بتعدى بنفسه؛ كقوله تعالى: (وامسحوا برءوسكم) [المائدة:6] تقتضي التبعيض؛ خلافا للحنفية.
وأجمعنا على أنها دخلت على فعل لا يتعدى بنفسه؛ كقولك: (كتبت بالقلم، ومررت بزيد) فإنها لا تقتضي إلا مجرد الإلصاق.
لنا أنا نعلم بالضرورة الفرق أن يقال: (مسحت يدي بالمنديل والبالحائط) وبين أن يقال: (مسحت المنديل والحائط) في أن الأول يفيد التبعيض، والثاني يفيد الشمول.
واحتج المخالف بأمرين:
الأول: أن القائل إذا قال: (مررت بزيد، وكتبت بالقلم، وطفت بالبيت) عقلوا منه إلصاق الفعل بالمفعول به؛ فدل على أن مقتضى اللفظ ليس إلا إلصاق الفعل بالمفعول به.
الثاني: أن أبا الفتح بن جني ذكر الذي يقال؛ من أن الباء للتبعيض، شيء لا يعرفه أهل اللغة.
والجواب عن الأول: أن قولهم: (مررت بزيد، وكتبت بالقلم) إنما أفاد ذلك؛ لأنه لايتعدى بنفسه؛ فلا يجوز أن يقال: (مررت زيدا، وكتبت القلم) فلذلك أفاد ماقالوه؛ بخلاف ماذكرنا.
وأما الطواف: فهو عبارة عن الدوران حول جميع البيت؛ ولهذا لا يسمى من دار ببعضه طائفا بخلاف مانحن فيه فإن من مسح بع الرأس يسمى ماسحاً.
وعن الثاني: أن الشهادة على النفي غير مقبولة؛ فلنا أن نخطئ ابن جني؛ بالدليل الظاهر الذي ذكرناه.