ما كلفنا بمعرفته، وقد صرح بذلك في قوله تعالى: {وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون} [الذاريات: 56].
قال ابن عباس: لآمرهم بعبادتي.
والتكليف غير إباحة المنافع، فلا يكون في هذه الآيات حجة على هذا التقدير.
قوله: (هذا الكلام لا يتم إلا مع الاعتزال):
قد تقدم التنبيه عليه.
قوله: (إذا حرق داره يقال: أضر به، وإن لم يشعر بذلك):
قلنا: إنما سموه إضرارًا؛ لأنه بحيث إذا شعر به تضرر وانغم، وأنه لو احتاج لداره لم يجدها.
أما لو فرضناه لا يحتاج إلى داره ألبتة، ولا يعرض له ذلك، فلا نسلم أنه يصدق عليه الإضرار.
قوله: (إذا حزن انعصر القلب):
تقريره: أن النفس مجبولة على الهرب من المؤذى، فإذا استشعرت المؤذى، أو المخوف، رب الحبار الغريزي، والدماء، والأرواح، لمجارى العادي إلى باطن الجسد.
ولهذا قيل: صفرة الوجل؛ لأن الوجل: الخوف، فيصفر ظاهر الجسد بخلوه من الدماء بسبب الهروب من المنافي، وينعصر الجسم كله إلى داخل.
عكسه الغضب: يبرز النفس لطلب الانتصار، فتبرز الدماء، والأرواح، والقوى إلى خارج في مجارى العادات؛ لأنها أجناد النفس، فيحمر ظاهر الجسد، وتنفتح الأوردة.