يتبعان المفاسد، والمفاسد ضرر على المكلف غير العقوبة التابعة للمخالفة في النهى، ويستوي في تخريج السؤال مذهبنا، ومذهب المعتزلة.

غير أن المفسدة عندهم يكون دفعها وجوبًا، وعندنا يكون دفعها تفضلاً، ويكفى في القياس استواء الفرع، والأصل في الوجه المقصود، لكن ما ذكره الخصم معنى مناسب مزاحم في صورة أصل القياس: أمكن أن يكون هو العلة، أو جزء العلة، فيبطل القياس؛ لعدم تعين الجامع، فإن كون العبد يقبح منه ذلك في عرضه، ومروءته عادة -أمكن أن تكون الإباحة لدفع هذه المفسدة الداخلة على العرض والمروءة، وهذه العلة منتفية في حق الله -تعالى -فيبطل القياس.

قوله: (العبث لا يليق بالحكيم):

قلنا: هذا إنما يتم على قاعدة المعتزلة في الحسن والقبح.

أما عندنا: فلا يجب تعليل أفعاله -تعالى -بالأغراض، فله -تعالى -أن يفعل لمصلحة، وليس ذلك مستحيلاً عليه -تعالى -وحكمته -تعالى -التعلق، والإرادة الواجبة النفوذ، والقدرة العاملة التأثير، ونحو ذلك من صفاته العلى، لا باعتبار مراعاته للمصالح، وإن كان -تعالى -لم يبعث الشرائع إلا مصالح، على أنها على سبيل التفضل، فنحن نساعد المعتزلة في إطلاق الحكمة، والحكم عليه، ونخالفهم في التفسير؛ فإنه يفسرون ذلك بمراعاة المصالح وجوبًا، ونحن نمنعه.

وأما قوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا} [المؤمنون: 115]، {ما خلقناهما إلا بالحق} [الدخان: 39]، وحيث تكرر ذكر الحق في الخلق فمعناه التكليف، أي: ما خلقناهما إلا للتكليف.

وخلق السموات والأرض؛ ليكلفنا بمعرفته بسببها أي: يستدل بها على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015