وحالة الخجل مركبة من الحالين؛ لأنه يذكر المؤلم المخجل، فيصفر، ثم يستقبله، أو يطلب الانتصار لنفسه، فيحمر، فيبقى في الخجل يحمر، ويصفر. وفي الوجل يصفر فقط، وفي الغضب يحمر فقط.

قوله: (البائع فوت على نفسه النفع، وكذلك الواهب):

قلنا: وهو من حيث هو كذلك ضرر، وإنما لم يظهر الألم، ولم يوجد، لوجود معارض راجح عنده، وهو الثمن في البيع، والمودة في الهبة، والثواب في الصدقة، ولا يلزم من انتفاء الشيء لوجود معارض ألا يكون نفسه موجودًا.

قوله: (في قوله عليه السلام): (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام):

قلنا: هذه صيغة الخبر، واختلف: هل هما عبارتان مترادفتان لمعنى واحد، أو الضرر للإنسان في نفسه والإضرار بغيره، فيكونان متباينين، وقيل بالعكس وقوله عليه السلام (في الإسلام) يمكن أن يكون لفظ (في) للظرفية، أي: لم يقع هذا في الشريعة؛ فيحصل مقصود المصنف، ويمكن أن يكون للسببية، أي: لا يضر أحد بسبب الإسلام، ويكون هذا من باب الموادعة التي نسختها آية السيف، ويكون الأول راجحًا لوجهين:

الأول: أن ظاهر (في) الظرفية، دون السببية، بل السببية أنكرها جماعة كما تقدم في كتاب (اللغات).

والثاني: أن يلزم النسخ، وعلى الأول لا يلزم، لكن يلزم التخصيص؛ فإن المشروعات في الإسلام من الحدود، والتعاذير، والقصاص، والغرامات، والجاد، وبذل النفس والمال، ومقاومة السلطان الجائر، ونحو ذلك كلها أضرار مشروعة، لكن التخصيص أولى من النسخ، فهذه ى المباحث التي يشير إليها في الخلافيات سؤالاً وجواباً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015