غايته: أنه لم يقل: المكلف اتبع الجهل؛ بل قيل له: اتبع ما غلب على ظنك وإن كان في نفس الأمر جهلاً، فذلك لا يلزمك.

وعلى هذا التقدير: يكون الجميع مصيبين آتين بما أمروا به، وإصابتهم باعتبار ما في ظنونهم، والأحكام المتوجهة عليهم.

قوله: (الرجحان في الذهن، إما أن يكون نفس اعتقاد رجحانه في الخارج، أو أمرًا لا يثبت إلا معه):

تقريره: أن المجتهد إذا اعتقد رجحان الأمارة في ذهنه، إنما ثبت له ذلك الاعتقاد؛ لأنه يعتقد رجحانها في نفس الأمر؛ فإنه إنما يجتهد في ذلك، ويطلب ما هو الراجح عند الله - تعالى - في شرعه، وكذلك - أيضًا - المجتهدون في أمور الدنيا، إنما يطلب الراجح في نفس الأمر.

فصح أن اعتقاد الرجحان في الذهن هو نفس الرجحان في نفس الأمر، ولما كان السائل أورد السؤال على هذا المقام، وظهر منه الشك في صحته، ادعى المصنف أحد أمرين، فقال: إما أن يكون نفسه، أو أمرًا لا يتم إلا به، يعني: لازمًا له.

ومعنى قوله: (إذا اعتقدنا المساواة امتنع رجحان الوجود على العدم)، أي في نفس الأمر - فاعتقاد الرجحان في نفس الأمر مع اعتقاد المساواة في الذهن، لا يجتمعان أبدًا.

فدل ذلك على أن المجتهد، إنما يطلب ويعتقد ما في نفس الأمر لذلك، نعم قد يكون مطابقًا، وقد لا يكون.

قوله: (اعتقاد المجتهد جازم؛ لأن اعتقاد كون الشيء أولى بالوجود، غير اعتقاد كونه موجودً):

قلنا: هاهنا اعتقادان:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015