أحدهما: اعتقاد كون حكم الله - تعالى - هو الحرمة مثلاً.
والثاني: كون أمارته راجحة، فهو يقطع برجحان الأمارة، ولا يقطع بأن الحكم الحرمة.
والسائل: إنما أورد السؤال في اعتقاد الحكم لا في اعتقاد رجحان أمارته. ونظيره أن الشاك يقطع بأنه شاك، ولا يمنع ذلك الشك فيما هو شاك فيه. فالجواب حائد عن موضع السؤال، والخصم يسلم الجزم باعتبار الأمارة. قوله: (إن كان الدليل خاليًا عن المعارض، تعين ذلك الحكم بالإجماع، فيكون تاركه مخطئًا):
قلنا: إما أن تريدوا بالدليل القاطع، أو الظني: فإن أردتم القاطع، لم تكن التسمية منحصرة؛ لخروج الظن عن القسمة، وهو الذي يغلب وقوعه في مدارك المجتهدين:
وإن أردتم الظنى، فنحن نلتزمه.
ثم نقول: إن أردتم سلامته عن المعارض في نفس الأمر، أو في ظن المجتهد إن أردتم في نفس الأمر - لا يفيدكم بعينه، ولا بعين حكمه؛ لاحتمال وقوع التعارض في ظن المجتهد، لا في نفس الأمر.
فنقول للمعارض في ظن ذلك المجتهد، ويعمل به مرسله في ظن عن المعارض، وعلى هذا يكون كل مجتهد مصيبًا؛ لأن كلامهم إنما عمل بالسالم عن المعارض الراجح في ظن؛ ولا غيره عندنا بالسلامة في نفس الأمر، إنما تعتبر السلامة في ظن المجتهد، وكذلك الرجحان.
وبهذا التفصيل يبطل هذا الطريقة من أولها إلى آخرها.